موسى وهارون ( عليهما السلام )
الشبهة ( 19) :
قال تعالى : ( ... وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي
فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ
الْمُفْسِدِينَ)(لأعراف: من الآية142) .
وقال تعالى : (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا
بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي
إِسْرائيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) (طـه:94) قَالَ يَا هَارُونُ
مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا . قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ
لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ
تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ
قَوْلِي) (طـه:94) .
في هاتين الآيتين الكريمتين , الشبهة هنا لها عدة أقسام وهي :
• أولا ً : هارون (ع) كان نبيا ً فكيف جاز لموسى (ع) ان يوصيه
بالإصلاح . وهذا أمر ناتج منه من غير وصية .الا يعد مثل هذا القول
لغوا ً منه وحاشاه .
• ثانيا ُ : اتهام موسى لأخيه هارون (ع) بالمعصية له قبل الاستفسار
منه . الا يعد هذا اتهاما ً للبريء ؟ .
• ثالثا ً : اعتداء موسى (ع) على نبي أليس فيه سوء خلق ومعاملة ؟.
• رابعا ً : بماذا تفسرون قول هارون (ع) لأخيه موسى (ع) : (إِنِّي
خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ .....) في هذا ظن بالمقابل , ان لم يكن عند
هارون مقدمات لهذا الظن ؟ .
الجواب :بسمه تعالى :
• اولا ً يمكن ان تكون هذه الآية وصية عامة لكي يعمل بها كل الناس
في كل الاجيال . مضافا ًالى انها تنحو نحو الإثبات . يعني انها
لاسماع الاخرين الذين لم يكونوا مدركين للعصمة في هارون (ع) .
• ثانيا ً : يمكن حمله على الاستفهام الاستنكاري .يعني لا يمكن ان
تكون قد عصيت أمري , أو حمله على الجانب ألا ثباتي لاراءة الناس
انه لم يعص . بعد ان يسمعوا عذره .
• ثالثا ً : لم يحصل أي أعـــــــــــتداء . فان غاية ما تـــدل
عليه الآية هو كلام هارون :
( لا تَأْخُذْ .......الخ) الذي يعتبر نفسه - ولو تواضعا ً او
تنزيلا ً - أهلا ً للعقوبة . ولكنه في مقام الاعتذار يقول : ان هذه
العقوبة بلا موجب لوجود العذر .
مضافا ً الى ان الأخذ بالرأس واللحية ليس أعتداء . فان مستوى
الأخلاق الاجتماعية في ذلك الحين لم يحكم بكونها أعداء , والمجتمع
يومئذ لم يكن يدرك الأخلاق التفصيلية التي ندركها الان .
مضافا ًالى ان النتيجة قد حصلت وهي عبادة العجل . وهي نتيجة مؤسفة
حقا ً . وقد حصلت حال مسؤولية هارون . فلا يكون غيره هو المسؤول
عنها ولعل موسى كان يتوقع ان يعمل هارون أعمالا ً إضافية لمنع
حصولها ولم يعمل , وكان من الناحية الاخلاقية مسؤولا ً أمامه . ومن
هنا فان كان قد أخذ برأسه ولحيته , كان بمنزلة العتب وليس أعتداء .
( وتعلمون ان لكل الوجوه بعضها يصدق بعد التنزل عن البعض ) .
الشبهة ( 20) :
قال تعالى على لسان موسى (ع) : ( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ
إِلَيْكَ)(لأعراف: 143) . ان مثل هذا السؤال المنكر لا يحصل الا من
الجاهلين فكيف تفسرون صدوره من موسى (ع ) .
الجواب :بسمه تعالى : هذا يراد به النظر المعنوي او القلبي وليس
النظر المادي . وما يصدر من الجاهلين هو طلب النظر المادي لا
المعنوي . كما قال أمير المؤمنين (ع) : انه لا تراه الأبصار ولكن
تراه القلوب بحقائق الأيمان . أو كما قال ابن الفارض : فامنن ولا
تجعل جوابك : لن ترى .
الشبهة ( 21) :
قال تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا
حُوتَهُمَا )(الكهف: من الآية61) .
وقال تعالى : (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ)(الكهف: من
الآية73) .
هذا اعتراف صريح من موسى (ع) بالنسيان مع كونه معصوما ً , فبماذا
ترفع لنا هذه الشبهة ؟ .
ولربما يقال بنفس الشيء عن رسول الله (ص) في خطاب الله له ( على
الظاهر ) : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ ....)(الأنعام:
68).
الجواب :بسمه تعالى : بالنسبة الى الآيتين الأوليتين :
اولا : يمكن ان يكون تعبيرا ً أخر عن النسيان العملي يعني انها
حالة تشبه النسيان عمليا ً وليست نسيانا ً حقيقيا ً .
ثانيا ً : ان القاعدة العامة وهي استحالة نسيان المعصوم (ع) الا ان
الله سبحانه قد يريد لهم ذلك أحياناً.
فهذا يكون كذلك .
وأما بالنسبة الى الآيتين الاخرتين :
أولا ً : يمكن ان يكون المقصود عموم الخطاب لأي إنسان .
ثانيا ً انه لم يثبت له النسيان . لان القضية الشرطية تصدق بكذب
طرفيها يعني ان حصل النسيان , ولن يحصل .
وأما الآية الاخيرة ( وان كنت ....) فالمقصود بها الرتبة يعني لولا
اللطف الالهي لكان من الغافلين . وهذا صحيح لانه لولا هذا اللطف لم
يكن معصوما ً .
الشبهة ( 22) :
قال تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) (طـه:67) .
كيف خاف موسى من حبال السحر وعصيهم من انه صاحب معجزة عظيمة ؟.
الجواب :بسمه تعالى .
• أولا : ان موسى في تلك اللحظة لم يكن يعلم ان الله سبحانه سيأمره
بإلقاء عصاه .
• انه أوجس في نفسه خيفة في ان يفشل دليل الحق بإزاء دليل الباطل .
وليس انه خاف من السبب الطبيعي .
الشبهة ( 23) :
قال تعالى :( قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)
(الشعراء:20) . ماذا عمن موسى(ع) بقوله : (مِنَ الضَّالِّينَ ) ؟ .
الجواب :بسمه تعالى . قالها بأحد وجوه : أما باعتقاد خصومه وإما
كسرا ً للنفس وتواضعا ً . وإما بمعنى انه قبل النبوة والرسالة فهو
في ذلك الحين كان ضالا ً عن النبوة والرسالة . وهي ملازمة مع تركيز
الهي عالي , ولم يكن هذا التركيز موجودا ً . فهو يعتبر نفسه ضالا ً
من هذه الجهة .