مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

دور الزمان والمكان وأثرهم
في الاجتهاد والتجديد
لقاء مع الدكتور ابو القاسم كرجي


 
ولد الدكتور ابو القاسم كرجي عام 1920م في طهران ، وبعد تلقّيه الدراسة الابتدائية بدأ في دراسة المقدمات كالصرف والنحو والبلاغة والمنطق، ثم درس شيئا من الفلسفة والفقه والاصول، والسطوح ثم الخارج، على يد أساتذة من قبيل الشيخ محمد حسين البروجردي ، والشاه آبادي والشيخ محمد رضا تنكابني (رحمة الله عليهم).
وفي عام 1944 توجه كرجي إلى النجف الاشرف لمواصلة دراسة الفقه والاصول، حيث تتلمذ فيها على يد اساتذة ومراجع عظام كالشيخ محمد علي الكاظميني والسيد عبد الهادي الشيرازي والشيخ محمد الكاظمي الشيرازي، ونهل من علوم آية الله العظمى السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي، اكثر من غيره من الاساتذة.
وخلال فترة وجوده في النجف الاشرف مارس كرجي تدريس كتب كالرسائل ، والمكاسب، والكفاية.
وفي عام 1951م عاد كرجي إلى طهران، واستجاب لطلب مجموعة من طلبة العلوم الدينية الدارسين في مدرسة الحاج ابو الفتح الفيروز آپادي ومدرسة مروي فقام بالتدريس على مستوى (السطوح) و(الخارج).
وبادر عام 1953م إلى البدء في دراسة العلوم والمعارف الاسلامية في جامعة طهران حيث حصل عام 1956 على شهادة البكالوريوس،  ونال عام 1959 شهادة الماجستير في الفلسفة والحكمة الاسلامية، وبعد أن حصل على شهادة الدكتوراه سنة 1963 عين استاذا مساعداً  محاضرا وبعدها ومنذ عام 1969 عين استاذا  محاضرا  حيث رُقـّـي بعدها إلى درجة استاذ جامعي في الفروع المتعلقة بالحقوق والقانون الاسلامي بجامعة طهران، وبقي يمارس عمله هذا.
ويعد الدكتور كرجي في الوقت الحاضر أحد أبرز اساتذة الجامعة، وهو ضليع بعلوم الحوزة والجامعة في ضوء سوابقه الدراسية والتدريسية فيهما ومعرفته بمواضيع التحقيق والبحث والتدريس.
ومن أهم آثاره العلمية تصحيحه للأجزاء 1 - 3 من تفسير جوامع الجامع للطبرسي الذي اختير عام 1983 كتابا للعام في الجمهورية الاسلامية الايرانية ومعظم مؤلفات الدكتور كرجي هي في مجال البحوث الفقهية والحقوق الاسلامية.
 بشكل عام، ما هو المراد بالزمان والمكان ودورهما في الاجتهاد؟ هل توجد ادلة وقرائن على هذا الامر في النصوص الشرعية وفي الاستدلالات الفقهية؟ وماهي الاشكالات التي تذكر على هذه القضية؟ وهل يمكن اعتبارها مصدرا خامسا، إلى جانب القرآن والسنـّة والعقل والاجماع؟
 الدكتور كرجي: في سؤالكم هذا ستة فروع أو أقسام:
- ما المراد بالزمان والمكان؟
- ما دورهما في الاجتهاد؟
- ماهي الادلة الموجودة عليهما في النصوص الشرعية؟
- ما الاستشكالات الواردة عليهما؟
- هل يمكن اعتبارهما مصدرا خامساً؟
و...
وجواباً على ذلك نقول حول القسم الاول:
إن تأثير الزمان والمكان في الاجتهاد لم يرد في الآيات والروايات بصراحة، لكي نبذل جهدنا في البحث والتقصى حوله، وانما هو من القضايا التي يطرحها أهل العلم والمعرفة رداً على الانتقادات الواردة على ثبات الاحكام وعدم تغيّرها ، مع مرور الزمن وتبدل المكان (التغيرات الزمكانية).
فمثلاً: لم تكن في بعض الالحان والنغمات الموسيقية في الماضي إلا الفساد فانها عُدّت محرّمة، لعدم ترتب شيء آخر عليها إلا المفسدة، اما الآن فقد غدت الموسيقى لغة معبّرة اكثر من الكلمات والحروف فهل تبقى  حراما؟
أو انه اذا كانت المرأة في السابق في بعض الأنحاء والمناطق عاطلة ولا تؤدي وظيفة أو دورا يُذكر ولذا فان ديتها أو ارثها هو نصف دية وإرث الرجل، اما الآن فان المستوى الدراسي والتحصيل العلمي للنساء ليس بأقل من الرجال (وفي بعض الاحيان حققن التفوق على الرجال في بعض الأنحاء) فهل تبقى دية المرأة وإرثها نصف دية الرجل وإرثه؟
وهكذا الامر في باقي أبواب الفقه، من قبيل: العقود والايقاعات وغيرها كالقضاء والشهادة والقصاص وأمثالها، هناك الكثير من التساؤلات عن الاسباب الكامنة في هذه الامور التي تطرح في الوقت الحاضر، وهي - في الحقيقة - انتقادات للعمومات والاطلاقات في الادلة، بل حتى على بعض الروايات الصريحة الواردة.
ومن هنا - وكما أشرنا آنفا - فان بعض اهل العلم والمعرفة ربما شاءوا أن يسايروا المعترضين والمنتقدين ولا يبتعدون كثيراً عن (المعترَض عليه) كثيراً ، في الوقت نفسه، وأرادوا أن يطرحوا الأجوبة والردود اللازمة وفي الوقت نفسه لا يخطئـّوا الاحكام الالهية المقدسة ويقبلوا وجود اشكال فيها، فقد أجابوا بأن للزمان والمكان تأثيرا في الاجتهاد، وفي الحقيقة طفقوا يزيحون مركز الاشكال نحو الاجتهاد نفسه عن الاحكام الشرعية.
وهنا لابد من التوضيح بأن الاجتهاد في فترة انفتاح باب العلم يختلف عنه في وقت انسداد هذا الباب، فالاجتهاد لا يتساوى في زمن وفور العلم والفقه مع الاجتهاد عندما يكون وضع العلم والفقه في مستوى متوسط ، والاجتهاد عندما تكون هناك وسائل من قبيل الكتاب وفراغ البال وغيرها ليس يماثل الاجتهاد عندما تكون هناك شحة في الوسائل، مثلما أن الاجتهاد في الحوزة ومع وجود الانهماك العلمي والانغماس في الامور العلمية ، لا يماثل الاجتهاد في ظروف اخرى مختلفة.
هذا أمر طبيعي وبيّن، لا يخلق إشكالاً، ولا يعالج اشكالاً سبق وأن وجد ، فالاجتهاد فعل البشر الذي هو ممكن الوجود، الجاهل القاصر العاجز.
فاختلاف الاجتهاد في الازمنة والامكنة المتعددة يحصل حتى لدى الشخص الواحد، وليس مستبعداً ذلك، فكما ذكرت انه: لا يوجِدُ اشكالا، ولا يعالج اشكالا يُذكر. الاشكال هو في (جعل) الاحكام الشرعية، وهو عمل يختص بالله تعالى، الواجب الوجود العالِم، القادر، المطلق، حتى في الامور التي ليس للاجتهاد مجال فيها كالربا والارث والشهادة وغيرها.
اذن فالأجدر هنا أن نصحح التعبير هنا كالتالي فنقول: ان الاوضاع والظروف ومنها الازمنة والأمكنة المختلفة تؤثر في احكام الشرع حتى الاحكام الواقعية.
والمقصود بالزمان والمكان هو المصاديق المختلفة لهذين المفهومين العرفيين، لا من حيث نفس الزمان والمكان بل من جهة انهما يخلقان أوضاعاً وظروفا مختلفة، وفي هذه الحالة، على وجه الاجمال، فان الجواب على هذا السؤال هو أن الاوضاع والظروف المختلفة ومن جملتها الازمان والاماكن المتباينة مؤثرة بشكل كامل في بعض الاحكام، وفي بعضها الآخر تابع لدلالة الادلة، وربما ادت إلى احلال أحكام اخرى بدلاً من الاحكام الابتدائية (الاولية).
توضيح: ان الاحكام  الشرعية تنقسم - علاوة على التقسيم الوارد في الكتب الفقهية، والاصولية من حيث المكلف إلى:
1- الاحكام العينية (الفردية)؛ وهي الاحكام التي  يكون المكلف بتنفيذها فرداً واحداً من قبيل: الاحكام الخاصة بالنبي(ص) مثل الانذار والتبشير، والتبليغ، وانذار العشيرة الاقربين، وغيرها. وهذا النمط من التكاليف لا يستطيع حتى النبي نفسه (ص) أن يوكلها إلى غيره.
2- الاحكام  الكفائية (البدلية)؛ وهي الاحكام التي يكون المكلف بتنفيذها بعض الاشخاص بدلاً من غيرهم، فاذا قام هؤلاء بهذه الاحكام وتم الاكتفاء بهم يسقط الواجب عن باقي الاشخاص، والا فالجميع آثمون ومقصرون في حالة عدم القيام بها.
3- الاحكام الجماعية؛ وهي  الاحكام التي كلف بالقيام بها مجموعة خاصة من الناس، فلو قامت تلك الجماعة بتنفيذ الواجب سقط التكليف عنهم  وإلا عوقبوا هم وحدهم، من قبيل بعض السرايا.
4- احكام انحلالية شخصية؛ وهي الاحكام التي يقع تنفيذها على عاتق كل المكلفين والشخص الذي يمتنع عن تنفيذها يعاقب هو وحده، ولا يجديه قيام غيره بها ولا يسقط عنه عبؤها من قبيل (الصلاة اليومية وصيام شهر رمضان المبارك).
5- الاحكام الخاصة (أو الخصوصية)؛ وهي الاحكام الموضوعة لعدد خاص من المكلفين الذين أصبحوا بنحو من الانحاء موضع تكليف ، وهي على نوعين:
1- صرف التكليف ولا حاجة للانشاء ، وربما لا يترتب عليها حكم وضعي، من قبيل تكاليف بعض السرايا.
2- الحكم الوضعي الذي يحتاج إلى إنشاء، وربما تترتب عليه احكام تكليفية ووضعية متعددة مثل: احكام العقود والايقاعات التي تتضمن - بشكل مباشر - احكاماً خصوصية وبشكل غير مباشر احكاماً عمومية. فمثلاً عقد النكاح أو ايقاع الطلاق الذي يوجد مباشرة ويعقد العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، وتترتب بناءً عليه حقوق لكل منهما على الآخر، فيلزم على كل منهما حينذاك اداء حق للآخر من قبيل وجوب النفقة والكسوة على الرجل ووجوب التمكين والطاعة في طلب الجماع، على المرأة.
وكذلك من قبيل الطلاق والانفصال بين الزوج والزوجة بحيث يترتّب على كل واحد منهما واجبات معينة نفيا واثباتاً، ويستلزم تكاليف معينة وينفي تكاليف اخرى كانت موجودة اثناء وجود آصرة الزوجية بينهما في السابق، ومن قبيل الالتزام من قبل المرأة بالعدة، والحداد، والالتزام بعدم جواز اخراج المرأة من المنزل من قبل الرجل في ايام العدة. ومثلها ايضاً نفي تكليف الرجل بدفع النفقة والكسوة للمرأة بعد انقضاء العدة، وكذلك نفي وجوب التمكين والطاعة بطلب المضاجعة على المرأة.
واجمالاً وبشكل غير مباشر، فان هذا النمط يوجـِد حقوقا وتكاليف عامة ايضا، من قبيل انه لا يحق لاي شخص ان يخطب هذه المرأة، ولا يحق لأحد ان لا يراعي زوجية الطرفين. ولذلك ففي هذا القسم من الاحكام توجد - علاوة على الاحكام الخصوصية - احكام عمومية  (عامة) ينبغي مراعاتها ايضاً.
6- الاحكام القضائية والجزائية؛ ومايماثلها  احياناً من قبيل الصنف الثاني من الاحكام الخصوصية، وهي سنخ من الإنشائيات، لانه بدون انشاء الحكم من قبل القاضي فان الحكم لصالح أحد طرفي الدعوى أو معاقبة المتهم لن تثبت، وهذا الصنف أيضاً يعد خصوصياً - بشكل مباشر - وعموميا بشكل غير مباشر.
7- الاحكام العمومية؛ هذه الاحكام  مستقاة من حقوق عموم الافراد تجاه بعضهم الآخر وهي - في الحقيقة - الوظائف والواجبات الواقعة على كل شخص تجاه الآخرين وعليه القيام بها واداؤها. ولأن الحكومة لها نوع من الولاية والقيمومة على المجتمع فمن هنا يمكن القول : إن الحقوق والوظائف العامة هي حقوق ووظائف ترتبط بالمجتمع والحكومة. وافراد المجتمع ينبغي أن يقوموا بوظائف معينة من أجل اداء واجبهم تجاه الحكومة وحقوقها عليهم (وهي بالاحرى حقوق الافراد الآخرين الواقعة على عاتق الفرد)، مثلما أن هناك وظائف وواجبات تقع على الحكومة أيضاً من أجل رعاية حقوق أفراد المجتمع . ولذلك فان هذا الصنف من الاحكام يسمى أيضا بالأحكام الحكومية. والافراد في هذا الصنف ليسوا موضوعات مستقلة للأحكام : لا كلهم بشكل عام وعلى سبيل الاستغراق (القسم الرابع سالف الذكر) ولا كل واحد منهم بشكل خاص (من قبيل الصنفين الثاني والثالث) ولا عدد معيّن منهم، بل موضوع الحكم هو المجتمع، والافراد كل واحد منهم هو جزء من المجتمع، لكن لا على نحو العموم المجموعي لكي يكون الامر انه فيما لو لم يعمل معظم أفراد المجتمع بالتكليف فانه يسقط عن الاقلية التي هي في صدد العمل بالتكليف ، أيضا؛ يسقط الحكم عنهم أيضا بسبب كونه ملغى حينذاك، بل حتى تلك الاقلية أيضا يجب ان تقوم بالتكليف المترتب على المجتمع، يعني: لا يحق لاحد ان يتصرف بحيث يترتب على عمله الحاق ضرر بمصلحة المجتمع الذي هو موضوع التكليف.
فعلى كل امرئ ان يمتثل للواجب الملقى على عاتقه كفرد ضمن المجتمع، من ناحيته هو، لكي لا يحصل خلل يُذكر من جهته هو بالتكليف الواقع على المجتمع. وحسب ماقاله أَحد العلماء فان على كل شخص أن يسد من ناحيته هو باب عدم تحقق التكليف.
وفي الحقيقة ان هذا هو صنف آخر من العمومات - مثل العموم الافرادي، والعموم البدلي، والعموم المجموعي - لكن علماء الاصول اغفلوا هذا النوع من التكليف لذا يكون ساريا في حالة: اولاً - ان العمل بالتكليف يكون مؤثرا في مصالح المجتمع، وثانيا ان مصلحة التكليف بدرجة من الاهمية بحيث يتوجب على كل فرد أن يسعى ويبذل كل ما يمكنه من اجل ان لا يحصل خلل في التكليف. والاحكام العمومية أو الحكومية هي من هذا القبيل. (الصنفان الخامس والسادس) والقسم الخامس يندرج في هذا النوع نظرا لكونه ذا جانب أو وجه عمومي.
والآن نقول من أجل التوضيح والتفصيل اكثر حول الامور التي مر ذكرها آنفاً بشكل اجمالي: إن تأثير الزمان والمكان وسائر الاوضاع والاحوال يتم بشكل طبيعي في الاحكام العمومية والاحكام الاخرى الملحقة بها (5 إلى 7) إذ إن جعل هذه الاحكام وتقنينها يتم على أيدي الحكومات ، وبديهيٌّ إن بقاء ودوام الحكومات يتسنى عبر مراعاة مصالح المجتمع واجتناب مفاسده، ولذلك فان الشارع المقدس، وفي ضوء هذه القضية، لم يذكر في الاسلام سوى خطوطاً عريضة وامورا كلية ليس إلا.. من قبيل  انه ينبغي ان يكون الحكم بالعدل والقسط، وأن تراعى حقوق الآخرين، وأن تسود الأخلاق والمساواة والاخوّة في الحياة، واوكل الاسلام التفصايل إلى الناس أنفسهم، لأنه من الطبيعي ان الذين يريدون لحكمهم البقاء والاستمرار لا يجدون بدا من الالتزام بهذه الامور، وهذا ما لايتسنى إلا بمراعاة المصالح واجتناب المفاسد في المجتمع، وهذا يستلزم الالتفات والاهتمام بالاوضاع والشروط والضرورات التي تقتضيها الازمان والامكنة ، وهي لا تكون متشابهة دائماً بل تتباين فيما بينها.
اما باقي الانواع من الاحكام (1،2،3،4) التي ليس فيها جانب عام أو وجه عمومي، أو على افتراض اشتمالها على صفة عمومية، فانها من حيث الجانب الخصوصي فيها (مثل الصنف الخامس من الاحكام) فان تأثير الاوضاع والاحوال (ومن جملتها الزمان والمكان) فيها، فيما عدا العناوين الثانوية، تابع لأحد أمرين:
1- أن الزمان والمكان وسائر الاوضاع والأحوال تغيِّـر موضوع الحكم، مثل: قبل شروق الشمس وبعده، الذي يغيّر موضوع اداء صلاة الصبح إلى قضاء، أو أنه قبل افتراق المتبايعين وبعده، الذي يحوّل (جواز) البيع إلى (وجوبه) ولزوم وقوعه، أو قبل قطع مسافة السفر وبالتالي يتحول حكم اتمام صلاته وحرمة افطاره إلى وجوب القصر وجواز الافطار.
2- أن يقتضي دليل خاص أو الجمع بين الادلة، أو القرائن والشواهد وجود التأثير للاوضاع والاحوال ومن جملتها الزمان والمكان من قبيل (المتبايعان بالخيار مالم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع) والجمع بين ادلة لزوم (الوفاء) بالعقود، وادلة الخيارات، أو الشروط الضمنية هي الركيزة في هذه الموارد في تبدل حكم العقود من اللزوم إلى الجواز.
وبناءً على ذلك، فان المناط والمعيار في تأثير الزمان والمكان والاوضاع في النوع الاول أي (الاحكام العامة والاحكام التي تتضمن علاوة على  الصفة الخصوصية جانبا عاما ايضا) امر كلي وينشأ من التغييرات التي تحصل في المصالح والمفاسد الاجتماعية، والحاكم عليها هو العرف، وبناء العقلاء، وحكم العقل ورأي الاخصائيين.
اما في بقية الاحكام فالملاك والمناط في تأثير مثل هذه الامور: الدلالة وظهور الادلة، سواء تلك الناتجة عن التصريح أو الجمع بين الادلة أو سائر القرائن والشواهد.
مما ذُكر حتى الآن تبين لكم جواب الاقسام المختلفة من السؤال الاول، وهنا أشير إلى أپرز النقاط المذكورة جواباً على أقسام هذا السؤال:
1- المراد من الزمان والمكان هو المصاديق العرفية للزمان والمكان: أي الاوقات والاماكن، من حيث انها تخلق ظروفا واوضاعا تؤثر في مصالح المجتمع ومفاسده.
2- مثل هذه الامور مؤثرة ولو في الاجتهاد ولكن تأثيرها في الاجتهاد - الذي هو مجرد الطريق لاستنباط الاحكام - ليس مهما وفاعلا جدا، فالمقصود هو تأثير هذه الامور في الاحكام نفسها التي لها موضوعية وهي مجعولة اصلا من قبل الشارع المقدس. وقد عُلم أن تأثير هذه الامور في الحقوق والوظائف العامة للمكلفين كلي ولا يمكن اجتنابه.
اما بالنسبة إلى سائر الاحكام فتأثير الزمان والمكان في موضوعات الاحكام أو ذات الاحكام تابع لدلالة الادلة، سواء كان الدليل يتضمن تصريحا بهذا التأثير، أو أن الجمع بين الادلة يقتضي ذلك، أو أن القرائن والشواهد تدل على ذلك. وقد اشير آنفاً إلى النصوص الشرعية والاستدلالات الفقهية وذكرنا أمثلة لها.
3- اما الاشكاليات، ففي الحقيقة هناك نوعان من الاستشكالات حول هذه القضية: الاول - الاشكاليات الدائرة حول ثبات الاحكام وعدم تغيّرها باختلاف الازمنة والامكنة، من قبيل إطلاق وعموم أدلة الأحكام التي تشير إلى أن الازمنة والأمكنة المختلفة لا تأثير لها في ثبات الحكم. ومن قبيل صريح ماورد في الرواية "حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة".
منشأ هذه الاشكاليات هو أن هذه الاحكام - بزعمهم - لا تنسجم مع الحضارة الجديدة المستمدة من العلوم الحديثة. وأجاب البعض على هذه الانتقادات بأن الزمان والمكان مؤثر في الاحكام (أو كما يقولون بأنهما مؤثران في الاجتهاد).
النوع الآخر من الاشكاليات الواردة على تأثير الزمان والمكان على الاحكام هو أن ذلك يتناقض مع ظواهر بل مع صريح بعض الادلة. وجواب هذا الاشكال هو:
اولاً: إن  المقصود بثبات الاحكام، ليس ثباتها كلها جميعاً، بل المراد به هو الاحكام غير العمومية من قبيل الاحكام الشخصية والخصوصية.
وثانياً: إن المقصود ليس هو كل واحد من الاحكام ، على حدة، وانما المقصود؛ الاحكام التي انتظمت على هذا النحو.
4- وبشأن السؤال القائل بأنه هل يمكن اعتبار تأثير الزمان والمكان - أو بشكل عام الاوضاع والظروف - مصدراً   أو منبعا خامسا لا ستنباط الاحكام، فانني لم أفهم جيدا ما المقصود والمراد بذلك؟ فانا أزعم: أن هذا مستفاد من الكتاب والسنّة والعقل، وعلى هذا الاساس لا معنى لاعتباره مصدراً ومنبعاً خامساً.
 ماهي ضرورة الاهتمام بقضية الزمان والمكان في الاجتهاد بشأن أيّ من الامور، في نظركم؟
 الدكتور كرجي: ان ضرورة الاهتمام بتأثير الزمان والمكان وسائر الظروف والاوضاع ليس في جميع أنواع الأحكام ، سواء الفردية والشخصية وغيرها، بل الضرورة تتجسد في الاحكام التي إما إنها عمومية واما لو كانت خصوصية فعلاوة على الناحية الخصوصية فيها نجد لها صفتين اخريتين هي الناحية العمومية والاجتماعية أيضا، فهذا النوع من الاحكام تابع للمصالح والمفاسد الاجتماعية، وهذا النمط من المفاسد والمصالح يتغير بتغيّر الاوضاع والاحوال.
اما الاحكام التي هي ليست هكذا، فتغيّرها تابع لدلالة الادلة، سواءً كان منشأ تبدّل الاحكام التغيّر في موضوعاتها أو كان التغيير حاصلاً فيها هي، فلو كان اختلاف الاوضاع والظروف ومن جملتها الزمان والمكان، مؤدٍّ إلى تغيير الموضوع أو الحكم فان الحكم يتغير، وفي غير هذه الحالة فلا.
 كيف يؤثر الزمان والمكان في أمر الاجتهاد؟ وماهو تأثير هذه القضية في الاحكام الاسلامية الثابتة والمتغيرة؟
 الدكتور كرجي: للإجابة على السؤال الثالث، وهكذا السؤال الرابع لا أرى ثمة حاجة إلى توضيح، فهذان السؤالان يمكن اعتبارهما جزءا من السؤال الاول المار ذكره سلفا، في الحقيقة، فثبات أو تغيّر الاحكام وتقسيم الاحكام وفقا لهذين المفهومين ليس هو على الإطلاق، بأي نحو من الأنحاء، بل بغض النظر عن القضايا العقيدية، تكون الاحكام ثابتة ومستقرة عندما لا تتزاحم مع حكم اهم والا فحتى الصلاة لو تزاحمت مع هجوم الاعداء فسوف يسقط وجوبها قطعا، إذن فتقسيم الاحكام بشكل مطلق إلى : ثابتة ومتغيّرة : مثلما هو مشهور، لن يكون صائباً أبداً.
هل يمكن أن يكون الاجتهاد العامل الرئيس والمنطقي لتعدد القراءات؟
الدكتور كرجي: اذا كان المقصود من تأثير الاجتهاد في تعدد القراءات هو أنه اذا كان ممكنا أن تكون هذه الفتوى هي الحكم الحقيقي للشريعة فمن الممكن أن تكون فتوى أُخرى الحكم الاسلامي الحقيقي أيضا، هذا صحيح ولا يتضمن أي أشكال. لكن لو كان المقصود هو أنه يمكن أن تكون كلتا الفتويين الحكم الحقيقي للشريعة فهذا - يقينا - ليس صائباً، إذ - بناء على التخطئة التي هي معتـَقَد الشيعة الامامية - لو كانت إحدى الفتويين هي الحكم الحقيقي للشريعة فمن المحال أن تكون الفتوى الاخرى - التي هي مخالفة ومباينة للفتوى الأولى - حكما حقيقياً شرعيا أيضا، فبناءً على التخطئة ليس ممكنا أن يكون الحكم الحقيقي اكثر من حكم واحد.
ولو كان المقصود هو أنه في حالة حصول الإختلاف في الفتوى، فمن الممكن أن يكون كله حول الحكم الشرعي - سواء الحكم الواقعي الحقيقي أو الظاهري - وهذا صحيح لكنه - يقيناً - ليس المقصود بتعدد القراءات.
  نرجو توضيح  سوابق قضية دور الزمان والمكان في الاجتهاد.
 الدكتور كرجي: في جوابنا على السؤال الاول وبعض الاسئلة التي تلته، أشرنا - بشكل إجمالي - إلى أن تأثير الزمان والمكان وسائر الاوضاع والظروف في الاحكام غير الحكومية تابع لدلالة أدلة الأحكام ، واما في الاحكام العمومية فالامر يشبه ذلك أيضاً وهو أمر طبيعي ولا إشكال فيه، لكن وبسبب كون الاحكام العامة والخصوصيات المتعلقة بها، من شؤون ووظائف الحكومات وان الشيعة الامامية لم يكونوا حتى قيام الثورة الاسلامية الايرانية في سنة 1979 مبسوطي اليد، فلذلك نجد انه في مجال تأثير الزمان والمكان في هذا الباب يعود كله إلى مابعد ثورة عام 1979م، وللأسف فانه لم يحصل - في رأيي - حتى الآن بحث وافٍ وملفت للنظر في هذا المضمار، ونأمل ان يتم ذلك في المستقبل.
 نرجو أن تتفضلوا بذكر بعض مصاديق تأثير الزمان والمكان في الاجتهاد.
 الدكتور كرجي: هناك مصاديق كثيرة لتأثير الأوضاع والظروف ومن جملتها الزمان والمكان، أشرت إلى بعضها ضمن ردي على الاسئلة الماضية وسوف أتطرق إلى أمثلة اخرى ضمن جوابي عن الاسئلة التالية، وهنا أرى من المناسب هنا أن أتطرق إلى المعاملات المصرفية، والموسيقى، وانواع الفن، والنرد والشطرنج.
وبشأن الثبات والتغير في الاحكام، تحدثت في جواب السؤال الأول، كما تطرقت ضمن ردي على السؤالين الثالث والرابع إلى اشارات حول الموضوع، فلتراجع. وجواباً عن السؤال السادس، وفي ردي على هذا السؤال نفسه أيضاً ذكرت شذرات منها وهي المتعلقة بالاحكام غير العمومية ومنشأ التبدل فيها هو النصوص، وفي الاحكام العمومية فان نظر المتخصصين يمكنه أن يكون موضع المناط والاعتماد؛ طبعاً مع مراعاة الضوابط العامة من قبيل العدالة والأخلاق والمعايير الحقوقية (يراجع جواب السؤال السادس عشر).
  ماهو دور العرف في الاحكام؟ وهل تتغير الاحكام بتغيُّر الاعراف؟
 الدكتور كرجي: العرف العام لايمكنه أن يلعب دوراً في الاحكام نفسها، ولكنه يلعب دورا في معنى الموضوعات ومفهوم سائر الالفاظ الواردة في الأدلة ودوره أساسي هنا، ومن الضروري ان يكون المكلف دقيقا في تطبيق المفاهيم على المصاديق.
وفي الموضوعات الأخلاقي، والحسن والقبح العقلي وفي بعض القضايا الاخرى، يعتبر دور التعارف وحكم العرف قويا ووثيقا. والمقصود بالعرف هو عرف زمن النبي(ص)، وعُرف الازمان المتأخرة اذا لم يكن مختلفا اختلافاً مبنياً على الهوى مع عرف زمن التشريع، فهو قابل للاتّباع ، وفي حالة التعارض فان العرف الذي يتوفر فيه الشرط المذكور متـّبع.
  مارأيكم بتعدد القراءات المختلفة عن الدين؟
 الدكتور كرجي: ضمن جوابي عن السؤال الخامس، أوضحت رأيي بشأن اختلاف القراءات الدينية. وأضيف الآن أنه حسب رأي الشيعة الامامية، لا يمكن القبول باجتهادين (متناقضين)، سواء في أصول الدين أو القضايا العقيدية أو في الفروع والاحكام العملية للاسلام، أي انه على فرض وجود وتحقق الرأي الصحيح بين الآراء المختلفة حول قضية ما، فان رأياً واحداً يمكن أن يكون صحيحاً في مسألة معينة، وماعدا رأي واحد فان باقي الآراء الاخرى باطلة ، قطعاً. وهذه هي التخطئة ذاتها والذي يعتبر الحجر الاساس لرأيهم في هذا الباب، ولكن من وجهة نظر أهل السنة، تعتبر الاحكام العقلية ومن جملتها القضايا العقائدية غير قابلة للتعدد ولكن بالنسبة للأحكام العملية فان آراء المفكرين مهما كانت متعددة فكلها يمكن القبول بوجودها. وبناءً على ذلك ففي القضايا العقائدية نجدهم يقولون بالتخطئة ، وفي القضايا الفرعية والعملية يقولون بالصحة والصواب. ولقد فصّلت ذلك في مقالة مستقلة.
  ماهو معنى المرونة في أحكام الاسلام؟ وأي منها تقبل التغيير؟
 الدكتور كرجي: إن مرونة الاسلام تتمثل في أنه مثلما هو المشهور فان الشريعة الاسلامية هي الشريعة السهلة السمحاء، وفضلا عن أن العمل بأحكامه ليس صعباً، بل فيه قواعد عديدة تساهم كثيراً في تسهيل أحكامه وبساطة تفسير تعليماته وعدم الحاجة إلى الاعادة والتكرار.
وهناك قضايا مؤثرة في هذا المجال، من قبيل إن: الاصل هو البراءة، وان الاصل هو صحة العقود، وحمل فعل الآخرين على الصحة، قاعدة عدم الضرر، وقاعدة نفي العسر والحرج،  والعناوين الثانوية، وقاعدة الدرء، وقاعدة الفراغ والتجاوز، وعدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل وفوت الوقت، والعفو، والتوبة، وتأثير الاسباب العديدة في مسبب واحد، وقاعدة الجب (الاسلام يجب ماقبله) وقواعد اخرى.
وان منشأ الصعوبات والمشكلات والمشقات وعدم المرونة وأمثال هذه الامور هي النظرات الذوقية والأمزجة غير المنطقية، والتعبّدات التي لا محل لها، والاحتياطات المفرطة ونظائر هذه الامور. لا تشدد وتدقيق في الاسلام إلا في التقيد باداء حقوق الناس، اما حول حقوق الله عزوجل فليس هناك إلا التسهيل والمرونة والسماح.
 عند تغيُّر الملاك أو المناط وبدون تغيُّر الموضوع، هل يتبدل الحكم وتتغير الفتوى ام لا؟
 الدكتور كرجي: في هذا السؤال نقص كثير وسقوط كبير، والظاهر أنه يخص تغيير الموضوعات، والجواب هو انه لاشك في أنه عندما يتغيّر ملاك الحكم (المصالح والمفاسد) فلاريب أن الحكم يتغير أيضاً كلما في الامر أن هذا التغيير في الاحكام العمومية - كما ذكرناها في جواب السؤال الاول - يمكن تشخيصه بسهولة ، اما في غير الاحكام العمومية فلا يمكننا - البتة - أن ندركه ونعرفه.
  ما الفرق بين الاهتمام بدراسة دور الزمان والمكان في الاجتهاد وتشخيص تطبيقاته العملية، وبين البحث في موضوع المصالح المرسلة والاستحسان لدى أهل السنة؟
 الدكتور كرجي: هذا السؤال هو الآخر بحاجة إلى تعديل واصلاح إلى حدّما. وعلى أي حال فانه بتغير الزمان والمكان وسائر الاوضاع والظروف لا يتبدل الحكم إلا في ضوء مصالح ومفاسد العمل، وبالتالي فان حسن وقبح العمل يتبدل ، وفي هذه الحالة فهل هذا إلا استحسان (ابو حنيفة) نفسه أو استصلاح مالك ذاته؟ أم أنه شيء آخر؟
وعلى هذا الاساس فانكم عبر القبول بتأثير الزمان والمكان في الاحكام أقبلتم على شيء كنتم تفرون منه، وحسب مايقولون (كرّ على ما فرّ منه). جواب هذا السؤال هو أنه لو أن (ابو حنيفة) ومالكاً طبّقا الاستحسان والاستصلاح بشأن الاحكام العمومية فان هذا العمل صحيح ونحن نقبله منهما وليس معنى ذلك (كرّ على ما فرّ منه).
اما اذا طبق ابو حنيفة ومالك استحسانهما واستصلاحهما في غير الاحكام العمومية فهذا ليس بصحيح ونحن  لانقبله منهما لنرجع إليه. إن من يجب أن يلتفت ويهتم بالمصالح والمفاسد أو بالحسن والقبح في العمل إنما هو الشارع المقدس، وفي مقام جعل الاحكام لا في مقام الامتثال. فعلينا نحن معشر المكلفين أن نلتفت إلى أدلة الاحكام، فان كان تغير الاوضاع والظروف - الزمان والمكان مثلاً - موجباً لتغيّر الموضوع إلى موضوع آخر له حكم جديد فعلينا أن نعمل بالحكم الجديد، وهكذا لو أن الأدلة أو الجمع فيما بينها أو القرائن والشواهد اقتضت تغيير حكم إلى حكم آخر ففي غير هذه الحالة وحسب اختلاف الموارد اما أن ينتفي الحكم وحسب - لا أن يظهر حكم جديد - واما أن يبقى الحكم ولا يطرأ عليه أي تبدّل. النتيجة هي أنه هناك ثلاث حالات متصورة في حكم المسألة.
  في رأيكم ، ماهو سبب تأكيد الامام الخميني(ره) على دور الزمان والمكان في الاجتهاد وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بشكل واسع؟
 الدكتور كرجي: يقينا ان مقصوده هو نفس الامور المذكورة آنفا. ومع الاسف انهم لم يفهموا مقاصده، غالباً.
  بموجب الرواية القائلة (حلال محمد حلال  إلى يوم القيامة...) هل إن الحديث عن دور الزمان والمكان في الاجتهاد يتنافى مع خلود الشريعة ويثير حولها علامات استفهام؟ وهل القبول بهذه النظرية يجعل الشريعة تابعة ومسايرة لحقائق الحياة؟ أم أن الدين يرتكز ويبتنى على تغير الظروف طبقاً للأهداف والتعليمات الالهية؟
 الدكتور كرجي: ان الشريعة الاسلامية المقدسة هي بالنحو الذي تمت الاشارة اليه سلفا وهي مستمرة كذلك طبقاً للقول (حلال محمد حلال...) ولا تعارض أو تباين بينهما. فخلود الشريعة انما هو بالشكل الذي ذكرناه. والاهداف الالهية لا تتحقق إلا بالنحو الذي ذكرناه آنفا. والخلاصة هي ان علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار - في الاحكام العمومية (الحقوق العامة) مصالح المجتمع ومفاسده وأن نرجع ونتقيد في الاحكام والحقوق الخاصة إلى ادلة (مجعولات الشارع). والمعروف والمنكر أيضاً هكذا. فاذا كان اتـّباع الوقائع والحقائق بهذا المعنى فهو صحيح مئة بالمئة.
  ماهي ثمار ونتائج دور الزمان والمكان في الاجتهاد؟ ماهي الآفات التي يمكن أن تترتب على تغافل مكانته أو عدم الفهم الصحيح له بالنسبة للمجتهد؟ هل هناك فرق بين اجتهاد المجتهد الواعي والعارف بالمجتمع وبزمانه والعلاقات الاجتماعية والسياسية و.. واجتهاد المجتهد الفاقد لذلك؟
 الدكتور كرجي: مما ذكر حتى الآن تعرف ثمار ونتائج الالتفات إلى الاوضاع والظروف ومكانة ذلك ودوره، كما اتضح عدم صحة اجتهاد المجتهد الذي لا يلتفت ولا يهتم - في الاحكام العمومية - بالاوضاع والظروف بالنحو المذكور. النقطة التي ينبغي الالتفات اليها هي انه - في الاساس - نجد أن المجتهدين ليسوا متخصصين في القضايا الاجتماعية لكي يمكن اتّباعهم في مثل هذه الامور. فالمتخصصون في مثل هذه الامور هم أُناس آخرون، وفي هذه القضايا ينبغي اتّباعهم.
ومع الاسف أنهم زرعوا في اذهاننا هذا التصور بأنهم (الفقهاء) متخصصون في كل شيء حتى في الايدز والسرطان ، ويجب أن نتعلم منهم كل شيء وأن نأخذ منهم علاج كل قضية، ويبدو أن الامر قد اشتبه حتى عليهم، وهذا ما يروّج له الحواشي المحيطون بالفقيه ويدعونه دائماً، بينما التخصصات التي يحتاجها المجتمع أوسع وأشمل من تخصُّص الفقيه.
حتى الشارع المقدس أيضاً، اكتفى بذكر الخطوط العامة والقواعد الكلية في باب الحكومة واحياناً في بعض الأبواب الاخرى، وترك التفاصيل للمتخصصين، لأن التفصيلات تابعة للاوضاع والظروف المكانية، وليس هناك غير المتخصصين من يطلع عليها ويعرفها. وسوف يرد المزيد من التوضيح لدى اجابتنا عن السؤال السابع عشر.
 نرجو أن توضحوا تأثير الزمان والمكان في الموضوعات الفقهية (كبيع وشراء الدم مثلاً، وحكم الشطرنج، والتحكم في الانجاب وتحديد النسل)  .
 الدكتور كرجي: حتى هنا كانت الاسئلة تدور حول تأثير الزمان والمكان في الاحكام نفسها. اما الأن فانكم تسألون عن موضوعات الاحكام وعن تأثير الزمان والمكان في الموضوعات الفقهية (أو الأفضل ان نعبر: الموضوعات الحكمية) وفي الجواب نقول انه من المناسب أن نشير أولا إلى موارد اعتبار قول الفقيه والأخذ بها، ثم ندلف إلى جوهر الجواب. خلاصة هذه الموارد هي عبارة عن:
1- بحسب استنباطه، ماهي احكام الموضوعات المختلفة؟ هذه الاحكام يمكن أن تكون تكليفية أو وضعية، وربما تكون نفسية أو غيرية، تعيينية وتخييرية، عينية أو كفائية، فتوائية أو قضائية أو حكومية، مولوية (ولائية) أو ارشادية، تأسيسية أو امضائية، وهكذاباقي تقسيمات الاحكام. والموضوعات أيضاً يمكن أن تكون عرفية من قبيل الغناء والغيبة والتهمة وغيرها ويمكن ان تكون جعلية محضة من قبيل الصلاة والصيام والحج، ويمكن أن تكون عرفية تصرّف فيها الشارع المقدس، من قبيل: السبق، والرماية، والشرط، والعهد والقسم وغيره.
2- بحسب استنباطه، ماهي أجزاء وشرائط وروافع الموضوعات الجعلية من قبيل: الصلاة والصيام وغيرهما؟ وهكذا سائر التقسيمات ، وأقسامها والتصرفات الحاصلة في الموضوعات العرفية وشرائطها وخصوصياتها ـ واحياناً - أقسامها.
3- ان التوصل إلى مفاهيم الموضوعات ـ وبشكل عام ـ الالفاظ التي وردت في أدلة الاحكام، رغم أنها لا تختص بالفقيه والحاكم عليها ـ دون أي نقاش أو جدل ـ هو العرف. ولكن لأن الفقهاء مارسوا البحث والفحص في هذه المفاهيم أكثر من ألف عام فكثيراً ما نجدهم قد اكتسبوا تخصُّصاً فيها. لذلك فالأحق والاولى هو الاستفادة من نظراتهم وآرائهم في هذا الباب.
4- إن موضوعات الاحكام القضائية والجزائية والحكومية ترتبط ـ من ناحية ما ـ بالفقيه، والقاضي، والشاهد، وغيره، والناحية المذكورة هي طريق الاثبات، فالفقيه والقاضي ينبغي أن يحرزا، بنحو من الأنحاء ؛ كالإقرار، والشهادة وغيرهما، موضوعات هذا النوع من الاحكام، فنظره متّبع من هذه الناحية.
هذه أصول موارد اعتبار قول ونظر الفقيه والقاضي، دون أن نكون في صدد بيانها على سبيل الحصر، ولذلك فلا وجه للاشكال في رفضها وعكسها.
وبناءً على ذلك، فان الموضوعات التي ظهرت في هذه الازمان الأخيرة ولم يرد لها حكم ـ بصراحة ـ في الكتاب والسنّة، من قبيل: البيئة وتلوّثها ، وتحديد النسل والسيطرة على الانجاب، والتهريب، وصنع وبيع وشراء المخدرات، والتلقيح الاصطناعي، وهكذا تطبيق المفاهيم على المصاديق المشهودة الخارجية، فهو من واجب المكلّف نفسه والذي ينبغي له أن يقوم بذلك ـ ولو بمساعدة المتخصصين ـ بشكل دقيق، والرجوع إلى الفقيه رجوعٌ لغير أهل الخبرة، وحسب قول المحقق القمي: الفقيه متّهم في حدسه.
فحدس الفقيه في تطبيق المفاهيم على المصاديق ليس قابلاً للاتّباع ولا يمكن الاعتماد عليه . وقد ذكر الفقهاء ومن جملتهم المرحوم الشيخ   في (المكاسب المحرمة) ضوابط كلية وعامة للمبيع، فقالوا: ان المبيع ينبغي أن يكون ذا منافع محللة مقصودة، فانه لو لم تكن له منافع أو لم تكن منافعه محللة، أو لم تكن محل اهتمام العقلاء فليس له قيمة أو ثمن، وبيعه لن يكون صحيحاً في هذه الحالة.
هذه (الكبرى) طبقوها في باب رفض بيع النجاسات، ومن جملتها بيع (الدم)، فلم يعتبروه جائزاً ولا صحيحاً، اذ إن فائدة الدم اما في شربه أو الصبغ به. فأما شربه فحرام، واما صبغ الاشياء به فليس فيه منفعة عقلائية أو عقلانية، إذن فبيعه لا يجوز.
وهذا التطبيق ليس صحيحاً، قطعاً، ففائدة الدم ليست في شربه ولا في استعماله لصبغ الاشياء وانما ينفع الدم لزرقه أو حقنه للمريض أو الجريح، وهي فوق كل الفوائد وأسمى من جميع المنافع، لأنه ينقذه من الموت الحتمي، وهذه الفائدة ليست شيئاً جديداً لنقول انها (ناشئة) من تأثير الزمان في موضوع الحكم الشرعي، ففائدة الدم كانت منذ بدء الخليقة. اذن فقضية تأثير الزمان في الموضوع منتفية.
هذا يعكس عدم صوابية التطبيق الصادرة من قبل الفقيه ، وخطأه، لأنه ليس متخصصاً في مثل هذا الأمر، بل الاخصّائيون هم الذين يفهمون ويدركون أن فائدة الدم هي من أعظم المنافع المحللة المقصودة. إذن ليس هناك أي إشكال في بيع الدم ، بل منشأ الخطأ هو في التطبيق، وعدم الاطلاع والوعي ، وعدم الاختصاص في الأمر، لا الزمان ولا المكان.
ولنأت إلى موضع النرد والشطرنج: فهذا مانراه أيضاً في تطبيق عنوان القمار المحرم على النرد والشطرنج، فالقمار عملٌ ليس فيه أي فائدة عقلانية أو عقلائية محللة، والفائدة الوحيدة فيه هي الربح والخسارة، وهي منفعة مجعولة (مزيفة) ومفتعلة ومحرمة، فكيف يمكن تطبيقه على النرد وخصوصا على الشطرنج، وقد أشير إلى أن القمار عمل ليس فيه سوى منفعة واحدة مجعولة وهي الربح والخسارة بينما الشطرنج ـ أي لعب الشطرنج ـ في الحقيقة عمل يعتبر تمريناً لتقوية الذهن والفكر، وليست لعبة هدفها الوحيد هو الربح والخسارة، بل حتى الربح فيها ايضاً لايمكن اعتباره مجرد ربح بل هو جائزة مخصصة لحدة التفكير والذكاء، اذن فمنشأ البطلان ليس تطبيق تأثير الزمان بل هو عدم  الوعي وعدم الاطلاع والخطأ في التطبيق.
ولنأت إلى الحد من التناسل: ففي هذه القضية لوكان المقصود والهدف الانجاب والولادات هو نفس التوالد والتناسل المؤدي إلى تفاخر ومباهاة الشارع المقدس، وهدفه هو التكاثر والازدياد العددي والكمي وأن المقصود من تحديد النسل والانجاب هو تقليل هذا الامر وحسب فيمكن اعتباره من مصاديق وموارد تأثير الزمان في موضوع الحكم، ولكن اذا كان هدف الشارع هو ازدياد وتكثير النسل بمعنى التنمية البشرية التي تجمع التكثير الكمي والتحسين النوعي، فلو كانت المقتضيات والمتطلبات تستلزم التكثير الكمي فان ذلك يشبه الحاجة إلى العُدَد التي كات سائدة في عصر صدر الاسلام ، ولو تطلب الامر التنمية النوعية ـ مثلما هو الامر اليوم حيث إن المسلمين ليسوا قليلين من حيث العدد بل المراد والمطلوب هو التنمية النوعية من حيث العلم والصناعة والاقتصاد وسائر العلوم والاحتياجات التي يفتقدون اليها ـ فأنه ينبغي التركيز على انجاز التنمية النوعية.
ولو اقتضى الامر كلا المجالين ـ والمتوقع والمحتمل أن يكون هذا المعنى هو المقصود والمراد ـ ففي هذه الحالة ينسجم مع السيطرة على الانجاب وتحديد الولادات المطروح اليوم، من جميع النواحي، لأن المقصود من تحديد النسل هو هذا المعنى ذاته، أي السيطرة على الانجاب وتحديد السكان من أجل اعداد الامكانات الكافية للتعليم والتربية والصحة وبقية وسائل البقاء والتطور والرفاهية للنوع البشري، وهذا أيضا ينسجم تمام الانسجام مع أهداف الشارع المقدس.
وهذا لا  علاقة له بتأثير الزمان والمكان في موضوعات الاحكام، بل مصدره عدم الفهم الصحيح وادراك مفاهيم الموضوعات، أو الخطأ في تطبيق المفاهيم على المصاديق.
وعلى هذا الاساس، فهذه النماذج بل وغيرها الكثير  كلها من هذا القبيل، ولا ربط لها بتأثير الزمان والمكان ولا دخل لها في موضوعات الاحكام، بل هي ناتجة اما عن عدم المعرفة بالمفهوم أو الخطأ في التطبيق.
  ما رأيكم بشأن الاجتهاد الجماعي؟ وكيف تقوّمونه؟
 الدكتور كرجي: الاجتهاد ليس هدفا مطلوبا في حد ذاته، بل هو سبيل أو طريق هدفه السعي الجاد والمثابرة من أجل الوصول إلى حكم الله الحقيقي والصائب، ولاشك أن هذا الهدف يتحقق بشكل أفضل وأدق في الاجتهاد الجماعي وكذلك في التجزّي وعلاوة على هذا، فان الاجتهاد - وخاصة في نوعه المطلق - نجده عندما يكون فرديا فهناك كثرة وتنوع كثير في الموضوعات (وخاصة أن معظمها غير قابل للفهم من قبل كثير من الاشخاص، أو أنه صعب الفهم عليهم جداً) فالاجتهاد المطلق إذن في الوقت الحالي يكون غير متيسّر عادة.
  ماهو تعريفكم للعقل الذي هو من الادلة الاربعة؟
 الدكتور كرجي: العقل هو الطريق الافضل والطبيعي والأصوب لمعرفة المبدأ والمعاد، وصفات وافعال المبدأ، ولتشخيص السبيل الصحيح للحياة المادية والمعنوية، من غيره، وهو أبرز أمانة إلهية ويسمى بالنبي الخفي أو الباطني الذي ارسله الله وجعله في وجود الانسان. والعقل هو القوة الادراكية التي يمكنها أن تحصل على أحكام كثير من الموضوعات، اما بشكل مستقل واما بمساعدة الشرع.
ويرى الفقهاء وعلماء الاصول أن العقل هو أحد الادلة الاربعة وهو يأتي تلوا لها أو بعدها. وبرأيي فان العقل يأتي على رأس الادلة، وأن اعتبار باقي الادلة ومقبوليتها مرتبطة بتقبل العقل وامضائه، مثلما ان الاصول الاساسية للدين أيضا لن يكون سبيل آخر للقبول والايمان بها، غير سبيل العقل.
ان الكثير من الفقهاء لا يرون العقل سبيلا لدرك وفهم مناطات الاحكام، والامر برأيي هو العكس، فغير العقل ليس هناك شيء آخر لادراك  وفهم  مناطات الاحكام والحسن والقبح في الافعال . والظاهر أن منشأ توهّم الفقهاء هو التعبّد المفرط وأحيانا التأثر ببعض طوائف أهل السنة. وفي ختام هذا الجواب لابد من الاشارة إلى نقطة ضرورية هي أنه لا ينبغي لنا أن نتوقع ان ينفعنا العقل ويعيننا في مقابل كل التوهمات والتصورات، بل العكس صحيح أي أن العقل يحكم بأن نقبل مايحكم به العقل ونرفض مايرفضه.
   ماهي حدود العقل في استنباط الاحكام؟ وماهو مداه والى أي مقدار يمكن أن ينفع في كشف ملاك الاحكام ويكون ذا جدوى في الملازمات؟
 الدكتور كرجي: لقد قالوا عن حدود اعتبار العقل ودوره في استنباط الاحكام: (كل ماحكم به العقل حكم به الشرع) أي أن كل عمل يحكم العقل بحسنه أو قبحه فالشرع يحكم  ايضا بوجوبه أو حرمته. وهذا هو معنى كشف الملاك في باب الملازمة بين حكم العقل والشرع والملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته وسائر الملازمات.
   رغم قبول دور العقل في استنباط الاحكام فهناك روايات بلغت حد التواتر من قبيل "إن دين الله لا يصاب بالعقول" أو (لايقاس بالعقول)، والآية الشريفة "وما اوتيتم من العلم إلا قليلاً" فكيف يمكن أن يجتمع ذلك مع دور العقل في استنباط الاحكام؟
 الدكتور كرجي: أتمنى أن لا تكون قد بلغت حد التواتر والا فيجب التشكيك حتى في اعتبار الخبر المتواتر. على أي حال على فرض أن هذه الروايات صحيحة من حيث السند، فينبغي اعتبارها مرفوضة ، قطعا ، لأن هذه الروايات ترى قياس الاولوية الذي اجمعت عليه الشيعة والسنة، مرفوضا.
يقولون: لو أن رجلا قطع ثلاثة أصابع من يد امرأة فيمكن في المقابل قطع ثلاثة من أصابع يده، اما لوقطع الرجل أربعة اصابع من المرأة فلا يمكن - حسب ظاهر الاجماع - قطع ثلاثة من اصابع الرجل، بل إنما يمكن قطع اصبعين منه، والآية الشريفة ليست في مقام بيان عدم  اعتبار العقل بل ولا في مقام عدم اعتبار العلم في مقابل الظن والشك، بل مقصود الآية الشريفة هو انكم مهما توافرتم عليه من العلم (الذي هو ضد الجهل) ومهما بلغتم منه مبلغا فلن تعرفوا من حقائق الكون وواقع العالم إلا النزر اليسير والشيء القليل. وهذا ليس فقط ينطبق على العالم آنذاك - أي في زمن نزول القرآن الكريم - بل حتى الآن أيضا مازلنا  بعد تقدّم العلم والتطور التكنولوجي ، لا نعلم من حقائق العالم إلا القليل.
على أي حال، لو شعرنا بضرورة للجمع، فيجب أن نحمل هذه الروايات على العقول الظنية. وانا لا أرى حتى الجمع المذكور صحيحا (والكلام في هذا المجال يتطلب مجالا واسعا) والافضل هو الجمع بهذا الشكل وهو: أن المقصود من عدم اعتبار وحجية العقل في هذا النمط من الروايات هو العقل الفردي في مقابل العقل الجمعي أو الجماعي ، اذ الأخير - ولاشك، توجد كثير من الآيات والروايات (كذلك) الدالة على كونه معتبرا وحجة (وفي هذا الباب يكفي أن تراجع الروايات الواردة في باب العقل والجهل في كتاب الكافي وسائر الكتب) ولا يتسع المجال هنا للحديث بالتفصيل عن  هذا الموضوع.
وبالجملة:
فانني أرى أن حكم العقل واجب الاتّباع والطاعة وأن الخدش فيه أو انتقاضه اعتباره يعتبر تحقيرا للعقل، وهو مالا أراه صحيحا ولا جائزا لا بموجب هذه الروايات ولا على اساس آراء الفقهاء.
  إلى أي مدى ينبغي للفقيه ان يلتفت إلى وقائع الحياة وحقائقها، ويتبعها؟
 الدكتور كرجي: إلى حد مايمكنه وبمقدار مايستطيع.
  هل العقل يستطيع ان يكشف علة الحكم في الموارد التي لم يبين الشارع فيها  علة الحكم؟
 الدكتور كرجي: في هذا الباب، لا يمكن أن يكون الفهم الشخصي والادراك الفردي ملاكا للحكم الكلي، ولكن فيما لو أدرك الفهم العام الملاك القطعي للحكم فان مثل هذا الامر يمكن أن يكشف الحكم، لكن لا يكون مثل هذا الحكم ملزما وواجب الاتباع للعموم إلا عندما يسنّ قانون وفقا له.
  ماهو  تأثير الزمان والمكان في الاحكام المنصوصة؟
 الدكتور كرجي: جواب هذا السؤال أيضا يُعلم من جواب السؤال الاول، وحاصله : أن تأثير الزمان والمكان وغيرهما - بشكل موسّع - يقتصر على الاحكام العمومية التي هي عادة غير منصوصة، في الاحكام الخصوصية ونظائرها فان تأثير الاوضاع والظروف ومن جملتها الزمان والمكان تابع لدلالة الادلة.
  في المسائل العبادية، إلى أي مدى يمكننا أن نخرج من الاحكام المطروحة في النصوص ومن قوالبها؟ واذا خرجنا فكيف يمكننا أن نضبط ونقيّد ذلك؟
 الدكتور كرجي: في جوابنا على السؤال السابق أشرنا إلى أن تأثير الاوضاع والظروف في هذا النوع من الاحكام تابع لدلالة الادلة، والآن نضيف إليه انه لايمكن أن نخرج من ظواهر الادلة، أيضا، إلا بموجب دليل يكون اظهر وأجلى من العام إلى الخاص، ومن المطلق إلى المقيّد، وبشكل عام من أي دليل واضح وظاهر إلى دليل أظهر وأوضح، وهذا العمل يقال له الجمع المقبول بين الادلة.
  ماهو العرف؟ وماهي أنواعه؟
 الدكتور كرجي: الجمهور العام من الناس يعتبرون - في ضوء الخصائص المشتركة التي يحملونها أو الخصائص المشتركة لشريحة خاصة منهم - يسمون (عرفا) وفي ضوء ذلك فهناك عرف عام وعرف خاص، ولذلك فعندما يتسالمون أو يتفقون على وصف عمل معين بأنه مقبول أو ممدوح لديهم يكون ذلك عرفا أو معروفا، وكذلك لو اتفقوا أو أجمعوا على أن عملا معينا اذا صدر منهم فهو نـُكـر أو منكر.. كل هذه التعابير أو معظمها استخدمت في القرآن الكريم، فيقول تعالى: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وكذلك (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر).
والعرف الخاص ينقسم - في ضوء تعاليم الاديان والمذاهب والعلوم والفنون، وفي مختلف الازمان والاماكن - إلى اقسام وانواع عديدة لا عدّ  ولا حصر لها.
  كيف  تحرز وتعيّن اقسام العرف وانواعه؟
 الدكتور كرجي:  ان العرف العام أو الخاص كنظائره من الامور الاخرى، يعرف أحيانا عبر الحشر والنشر، واحيانا اخرى من خلال الشيوع، ويحرز في بعض الاحيان من خلال سائر موجبات العلم أو الظن الخاص.
 ما الفرق بين العرف وسيرة العقلاء؟
 الدكتور كرجي: ان التباين والفرق بين العرف وبناء أو سيرة العقلاء في أن العرف يؤخذ فيه بنظر الاعتبار عمل جمهور الناس وغالبيتهم أو أن يكون ذلك نهج شريحة أو صنف خاص منهم فيكون عرفا عندهم. اما في بناء العقلاء وسيرتهم، فان العمل يؤخذ فيه بنظر الاعتبار أنهم ذوو العقول، ولذلك فان عمل العرف يُستند إليه ويؤخذ به في الامور العادية مثلما سبق وأن ذُكر، فتعاطى العمل عرف المتشرعة (أو المتشرعين) اما بناء العقلاء وسيرتهم فهي محل استناد في الامور العقلية والامور التي هي - الى حدما - ذات صفة تخصصية كأن يقال: ان بناء العقلاء انما هو على العمل بالاستصحاب أو بظهورات الالفاظ.
  وما الفرق بين سيرة العقلاء مع الاحكام العقلية؟ في أي شيء يختلفان؟
 الدكتور كرجي: هناك مفهومان لسيرة العقلاء وحكم العقل: فسيرة العقلاء تمثل النهج العملي للعقلاء من جهة أنهم ذوو عقل، اما حكم العقل فهو يجسد فهم وادراك مسئلة نظرية أو عملية بواسطة قوة الادراك الموجودة فطريا لدى الانسان. اما طريق معرفتهما فهو أن سيرة العقلاء هي نهج اكثرية العقلاء اما حكم العقل فهو الادراك النظري أو العملي لقاطبة العقل اذ هو الذي يفهم ويدرك ان هذا هو حكم العقل.
ورغم أن العقلاء يمكن أن يعملوا بخلاف حكم عقلهم ولكن هذا نادر، ولكن حكم العقل قابلاً  للتخصيص، اذن ففي  ذلك الموضوع  ] سيرة العقلاء [يكون المناط هو اكثريتهم ، وفي هذا الامر يكون المناط هو القاطبة.
  ماهو مستند حُجّية سيرة العقلاء؟
 الدكتور كرجي: مناط ومستند سيرة العقل - كما ذُكر - هو إمضاء الشارع. اما في الامور التي تقع موضع الابتلاء اكثر من غيرها، فامضاء الشارع يمكن تلمسه واحرازه من عدم رفضه. وفي الحقيقة انه لو وقع عمل ما بمرأى ومنظر الشارع ولم ينه عنه ولم يمنع فاعله فاننا نعلم من ذلك امضاءه له.
  هل هناك سيرة جديدة للعقلاء يمكن تصورها؟
 الدكتور كرجي: يمكن ان تتحقق سيرة ومنهج العقلاء في الامور المستخدمة (ايضاً) ولكن لا يمكن من خلالها احراز امضاء الشارع، لأنها لم تقع أو تـُفعَل بحضوره ليُنهى ويردع عنها أو يمضيها، (بل) ولا يمكن من عدم وجود مثل هذا الردع احراز امضاء الشارع، اذ أن احداً لم يفصلها برأى  ومنظر من النبي الاكرم (ص) وخلفائه (ع) لكي نكشف سكوتهم أو عدم ردعهم للفاعل ، إلا إذا قلنا بأن (الامضاء) ليس امرا واجبا ولازما، من الاساس.
  إحدى المسائل التي تُطرح في باب الزمان والمكان هي مسألة التعارض بين الاهم والمهم. فعلام يقع تشخيص الاهم والمهم؟ على العرف ام على الفقيه؟
 الدكتور كرجي: لا تقتصر قضية الاهم والمهم على المسألة المذكورة، بل في أي قضية يوجد فيها تكليفان إلزاميان ولا يستطيع المكلف أن يعمل بكليهما معا في هذه الحالة لو كان لاحدهما أهمية اكبر فعلى المكلف أن يعمل به، وعلى فرض التساوي بينهما فهو مخيّر بينهما يعمل بأيهما شاء. ان تشخيص الاهم والمهم في الاحكام والموضوعات الجعلية يعود للمتخصّصين من الفقهاء وباقي العلماء باستخدام الادلّة، اما في سائر الموضوعات فهو يعود إلى المكلف بمساعدة العرف.
  من أجل أن تبقى العناوين الاولية راسخة وثابتة في أماكنها، ومن ناحية اخرى من أجل أن لا تختل الاعمال وتضطرب المصالح، فما الذي ينبغي عمله للجمع بينهما ومن أجل أن لا يظهر في المستقبل فقه جديد ولا تختل الاعمال من ناحية اخرى؟
 الدكتور كرجي: إن التكاليف ليست كثيرة لدرجة انه لا يمكن الجمع بينهما وبين الاعمال اليومية. فمعظم الملكفين يمكنهم اداء كل التكاليف كلها ولا يظهر أي خلل يُذكر؛ أجل إن بعض الاشخاص بمقتضى نواحي الضعف التي لديهم لا يمكنهم الجمع بينها، فمن البديهي ان يحصل في هذه الحالة تزاحم ولابد
 عندئذ من اختيار الأهم منها، وهنا أيضا لا يحصل أي اختلال. نعم قد تفوته بعض المصالح وهذا لا يوجب أي محذور وعندما تنحصر المصلحة في مايتم اختياره ففي هذه الحالة لا تفوته أيضا مصلحة اخرى.
  هل إن تأثير الزمان والمكان في الاحكام نفسها ام في الاجتهاد؟
 الدكتور كرجي: مر سلفا الجواب على هذا التساؤل أو مايشابهه لدى ردنا على الاسئلة السالفة وقلنا إن المهم هو تأثير الاوضاع والظروف في الاحكام نفسها لا في الاجتهاد.
 نرجو توضيح المكانة الحقوقية والقانونية للمنهج الاسلامي كمدرسة مدونة ونهج محدد المعالم على صعيد المدارس الحقوقية المطروحة في العالم.
 الدكتور كرجي: لو أن المنهج الحقوقي الاسلامي كُتب ودوّن كما يستحق ويجدر به ، ولو طرح بالشكل اللائق أي ان لا تقترن التعبّدات باحتياطات كثيرة التي يؤسفنا أن معظم المتأخرين قد ورّطوا الفقه فيه - وهكذا الامر في سائر التكلّفات غير المجدية -  فمن دون أي تعصّب نقول ان هذا المنهج والمدرسة قابلة للتطبيق على مستوى العالم، وربما تحظى باقبال متزايد أكثر من ذي قبل، ولذلك فان فقه أهل السنة يتمتع بهذه الخصائص اكثر وأفضل، وقد تمكن من النفوذ في العالم  أكثر.
 ما رأيكم بشأن التخصّص في أپواب الفقه؟
 الدكتور كرجي: إنني أرى بطلان إطلاق الاجتهاد وأؤمن بضرورة التخصّص في أپواب الفقه المختلفة، وخاصة في الوقت الحاضر.
 ماهو تأثير التخصص في أبواب الفقه في حيوية الفقه والتعمق في العلم، والى أي مدى يمكن ان يتحقق ذلك؟
 الدكتور كرجي: كما أشرت سابقا، فبسبب سعة رقعة الموضوعات وتنوعها الكثير، يعتبر الاطلاق في الاجتهاد اليوم امراً غير ذي معنى، ولابد من التخصص اكثر فأكثر والاجتهاد نحو التجزي فيه .
 هل معنى التخصص في أبواب الفقه هو التجزي في الاجتهاد ذاته ام أنه درجة اعلى منه؟
 الدكتور كرجي: ان التخصص في الاجتهاد يستلزم التجزّي فيه وهما ليسا بمفهوم واحد، لكن التجزي لا يستلزم التخصص، اذن فلا تلازم بين الطرفين.
 ماذا تعني منطقة الفراغ؟ هل يمكن القول إنها تعني الامور التي لم يبين الشارع رأيه فيها؟
 الدكتور كرجي: برأيي وفي ضوء الانواع والأقسام التي ذكرت للأحكام، فلا يبقى ذِكّر لمنطقة الفراغ. يمكن أن لا يكون الشارع المقدس قد بيّن بصراحة حكمه في أمر معيّن، ولكن في ضوء العموميات والقواعد الكلية التي ذكرت والصلاحيات التي انيطت بمتخصًصي المجتمع اللائقين لا يبقى محل من الاعراب لمنطقة الفراغ.
 ماهي العلاقة بين موضوع دور الزمان والمكان من ناحية، والاحكام الثانوية من جهة اخرى؟
 الدكتور كرجي: لا ارتباط بين دور الزمان والمكان وبقية الاوضاع والظروف في الاحكام (أو في الاجتهاد) وبين الاحكام الثانوية. الاحكام الاولية هي التي يطرأ عليها التغيير تبعا لتغير الزمان والمكان، لا الاحكام الثانوية التي تظهر نتيجة امور طارئة على الموضوعات أو الاحكام.
 هل منطقة الفراع محدودة بالمباحات؟
 الدكتور كرجي: ثبّت الارش ثم انقش. جوابا على السؤال قبل السابق قلنا إن منطقة الفراغ غدت لا محلّ لها من الاعراب، إذن فلا وجه للبحث في محدوديتها أو اقتصارها على المباحات أو غيرها.
 هل المباح حكم من الاحكام الخمسة ام لا؟ اذا كان أحدها ففي الحقيقة ان الله تعالى يكون قد (جعل) الاباحة، وعند ذاك فكيف تكون علاقتها بحكم الحاكم؟
 الدكتور كرجي: المباح على نوعين:
1- المباح الناتج عن عدم وجود مصلحة ومفسدة ملزمة.. وهذا النوع في الحقيقة ليس حكما شرعيا بل هو رخصة عقلية وحكم الشارع الارشاد بحكم العقل.
2- المباح الناتج عن وجود مصلحة في جواز الفعل والترك.. وهذا النوع هو الذي يعتبر حكما شرعيا تأسيسيا وحسب تعبير بعض العلماء: فان النوع الاول ناتج عن عدم الاقتضاء، والنوع الثاني ناشئ عن الاقتضاء. وثمرة هذا الاختلاف هو أن النوع الأول يشمل - في الغالب - المباحات، كما أن بعض العناوين الثانوية (الناشئة عن الاقتضاء) تعرض عليه وتطرأ، كالقسَم ، والشرط ضمن العقد وغيرهما، وفي هذه الحالة فان إپاحة فعل وتركه تكون مرتبطة بلزوم فعل عمل معيَّن أو تركه.
اما في النوع الثاني فلربما لا يكون عروض وطروء هذا النمط من العناوين مستوجباً لتغيير الحكم، ولذلك قالوا: فيما اذا اشترطت المرأة على الرجل حين العقد عدم الزواج الثاني فان هذا الشرط باطل ويمكن للزوج أن يتزوج مرة ثانية، خلافاً لما لو اشترطت ضمن عقد النكاح أو عقد ملـزم آخر فعل مباح أو ترك مباح من نوع آخر؛ مثلا اعطاء شيء بشروط فمثل هذا الشرط واجب التنفيذ والوفاء وتزول حينذاك اباحة العمل ويحل محلها الوجوب.
والخلاصة هي:
ان الشرط في النوع الاول مشروع وواجب الوفاء، اما في النوع الثاني فهو شرط غير مشروع، وباطل.
وما جاء في ذيل السؤال من القول: (ماهو ارتباطه بحكم الحاكم؟) فهو قول عجيب! فهذا السؤال مرتبط بالاحكام العامة والكلية، اما قضاء القاضي وحكم الحاكم فهو غالبا يتعلق بتطبيق الاحكام في حالات خاصة.
 هل يمكن للفقيه إعمال ولايته في الترخيصات التي يشخص أن مصلحتها الاقوى وصلت إلى حد الضرورة؟
 الدكتور كرجي: ليس بامكان أي امرئ حتى النبي الاكرم محمد(ص) نفسه أن يغيّر أحكام الله بالاستناد إلى الرغبة والهوى والرأي الشخصي. وفي جوابنا على السؤال السابق عُلِمَ أن الاباحة قسمان أو نوعان، وهنا يضاف إلى ذلك ان الاصل في الاباحة هو النوع الاول، والنوع الثاني يستفاد فقط في حالات معينة ، من الأدلة، وفيما اذا لم يُستَفَد ذلك من الادلة فينبغي العمل بموجب النوع الأول، وفي هذه الحالة فان العناوين الثانوية هي التي تغيّر الحكم.. أجل، في القسم أو النوع الثاني اذا اقتضت المصلحة العامة، وكانت هي الاقوى ، فانها تغير الحكم، وهذا الامر لا علاقة له بولاية الفقيه.
 ماهو تعريف الاحكام الحكومية؟ وماهي مصاديقها في سيرة الائمة(ع) والنبي(ص) في فقهنا؟
 الدكتور كرجي: اشير في الماضي إلى ان الاحكام الحكومية هي الاحكام العمومية، نفسها، أي انها: القرارات والضوابط والتعليمات التي يضعها الحاكم من أجل تأمين مصالح الناس وتجنيبهم المفاسد - لا استنادا إلى الحقوق العامة للمجتمع - بواسطة المجالس التشريعية، وعلى الناس كلهم ان يعملوا بها نظرا لكونهم اعضاء في المجتمع، من قبيل: ضوابط وقرارات الضرائب، والاقتصاد، والبريد، والتربية والتعليم، والتجارة، والصناعات، والزراعة، والانظمة المرورية وقوانين الشرطة والبلدية والجمارك، والثقافة والارشاد، وتسجيل الاموال والاملاك، والمواليد والاحوال الشخصية، وانواع القوانين الحقوقية وأمثالها.
كل هذه الامور من القضايا التي تتولى تنظيمها وتدبيرها الحكومات ، ولذلك ففي عصر النبي الاكرم(ص) والأئمة المعصومين (ع) والخلفاء، لم يكن لمثل هذا النوع من القرارات والضوابط المعقدة وجود، ولكن في الوقت نفسه، كانت في تلك الازمنة هناك ضوابط. ولو غير مدونة - بسيطة ومعظم أحكامنا الفقهية مأخوذ من تلك القرارات والتعليمات والضوابط، من قبيل: الزكاة، والخمس، والخراج، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والدفاع، والصلح والعقود والايقاعات، والارث، والوصية، والنكاح، والطلاق وغيرها.. هذه الضوابط والتعليمات تعتبر الاحكام الحكومية في ذلك الحين.
 ماهي ضرورة ايجاد منهج أو تأسيس مدرسة والتنظير الكلي بدلا من تبيان الاحكام الفردية؟ وهل توجد - اساسا - هكذا امكانية؟
 الدكتور كرجي: لم أفهم المقصود جيدا من هذا السؤال. اذا كان المقصود طرح الحقوق والواجبات العامة للمجتمع، فان هذا هو الأمر المهم الذي كان علينا ان نبادر إليه ونهتم به، ومع الاسف أننا وبعد انتصار الثورة الاسلامية قصّرنا في هذا المجال ولم نقم بعمل مهم في هذا المضمار، ومعظم الأعمال المنجزة في هذا الصدد قام بها الأجانب ونحن أخذناها منهم.
واذا كان المقصود هو طرح المدارس والمناهج المختلفة في المجال السياسي والمعنوي والاجتماعي فنحن ، وتبعا للأجانب - شاعت فيما بيننا أيضا، وهذا صحيح إلى حدٍّ كبير.
لكن هذا موجود في مجال الاحكام الفرية ايضاً وللاسف في جميع أبواب فقهنا ، أيضا، من قبيل العبادات، والعقود والايقاعات، التي هي اليوم غير مطروقة وغير عملية مطلقا، من قبيل: المكاتبة، والاستيلاد، والتدبير، والمتعة، والطلاق ، والاجداد الثمانية وكثير من المسائل الاخرى في جميع أبواب الفقه. وفي الوقت نفسه ينبغي أن نحاول أن لا نتأخر ونتخلف عن الآخرين، وبشكل عام فان التعرف على المدارس والمناهج المختلفة والنظريات الاجتماعية امر ضروري ايضا.
 كيف يمكننا أن نحصل على النظرية الاجتماعية للاسلام؟ وماهو واجب الفقهيه ووظيفته في هذا الشأن؟
 الدكتور كرجي: في الحقيقة ان ماطرحناه وعرضناه نحن حتى الآن ليس فيه نظرية اجتماعية، فنحن نقول دائما خلال مرحلة البحث - للآخرين: مالدينا نحن أفضل مما لديكم (من نظريات) لكننا لم نطرح حتى الآن هذا (الافضل) . نقول أحياناً إن مايوجد في أحد كتبنا الاربعة من الروايات يفوق ما تتضمنه الكتب الاربعة للآخرين مجتمعة، ولكن هل استطعنا ان نحل - اعتمادا على كل هذه الاحاديث والروايات مجهولاً من مجاهيل الماضي والحاضر ونكشف اسراره؟
على أي حال لا أمل معقودا على مثلي وأمثالي من الشيوخ والطاعنين في السن ، وانما الامل كل الامل في أن يبادر الشباب النشطون والواعون في الاستفادة من الآيات العديدة والروايات الكثيرة وكذلك من باقي النصوص الاسلامية، ويحصلوا على آراء وافكار الاسلام في مختلف النظريات الاجتماعية ، ويعرضوها على الناس ويحققوا المفاخر لحكومتنا وشعبنا المسلم.
هذه خلاصة اجوبتي على الاسئلة التي طرحتموها في هذا الموضوع، سائلا الله لكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.
 
 


مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية