سياستنا تجاه المرأة / أسعد تركي

إن رؤيتنا للمرأة هي رؤية قرآنية بحتة ، حيث جعلها الله تعالى مثلاً أعلى ونموذجاً أسمى للمؤمنين كافة من الرجال والنساء وذلك بقوله تعالى ((وضرب الله مثلاً للذين آمنوا إمرأتَ فرعون إذْ قالت ربِّ إبنِ لي عندك بيتاً في الجنَّة ونَجّني من فرعونَ وعمله ونَجّني مِنَ القوم الظالمين))(التحريم /11) وفي القرآن الكريم عدة نماذج قرآنية عظيمة من النساء إبتداءً من آسيا بنت مزاحم إمرأة فرعون التي زهدت في كل زخارف الدنيا التي كانت تتمتع بها في ظل زوجها وقارعت تجبر و إستكبار فرعون الذي هو أعتى طغاة العصور ومروراً بأم المسيح عيسى بن مريم العذراء (صلوات الله عليهما ) و خديجة الكبرى حاملة عبئ الرسالة الإسلامية التي قال عنها زوجها النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله ) ((ما قام الإسلام إلا على سيف علي وأموال خديجة )) والزهراء البتول أم أبيها ومنبع الإمامة وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين و إبنتها الحوراء زينب شريكة النهضة الحسينية الثائرة بوجه الطغيان على مر العصور والقافلة مستمرة في العصر الحديث فقد قدم الإسلام نموذجاً معاصراً آخر وهي الشهيدة العلوية آمنة الصدر هذه المفكرة الإسلامية الكبيرة التي أقضَّت مضاجع أعتى طاغية في العصر الحديث وهو المجرم الكافر صدام اللعين فقد قادت هذه المرأة الفاطمية إنتفاظة شعبية أجبرت بها الطاغية على إطلاق سراح أخيها الشهيد الصدر الأول ولا زالت قافلة الإسلام عامر بالنساء الفاطميات الزينبيات وبهذا يتضح بأن القرآن هو المانح الوحيد للحرية الحقيقية للمرأة وعلى مختلف الأصعدة والمستويات الفكرية والسياسية والإقتصادية والمقام لا يسع لذكر الفارق بين الإسلام وغيره من الإتجاهات الفكرية المختلفة في هذا المجال ، ولذلك فإننا نرفض اليوم بأن تحدد نسبة ما يسمى ب(الكوتة) للنساء وهي تحديد نسبة إجبارية من المقاعد البرلمانية للنساء بغض النظر عن الكفائة فذلك إهانة لمكانة المرأة وتحجيم لقدراتها فالمفروض أن تكون النسبة مفتوحة وغير محددة وحتى لو وصلت إلى أضعاف نسبة الرجال ، وما أروع الشاعر حين قال :

لو كانت النساء مثل التي فقدنا – لفُضِّلَت النساء على الرجال
فلا التأنيث لإسم الشمس نقصٌ – و لا التذكير فخرٌ للهلال

ولذلك يجب أن تكون الكفائة والنزاهة هي المعيار الأمثل في عملية إختيار الشعب لممثليه ،

ولكن ومع كل هذه النشاطات والإنجازات لكل تلك النساء فإنها كانت على نحو الوجوب الكفائي كما يعبر الفقهاء وخصوصاً في القطاع الصحي وقطاع التعليم والإشراف على دور الأيتام والعجزة والمسنين وغيرها من المجالات التي تكون فيها المرأة هي الأقدر والأكثر إبداعاً من الرجل للقيام بواجباتها ، فالوظيفة الأصل للمرأة هي بناء الإنسان والأسرة وتشكيل اللبنة الأساسية لبناء المجتمع و يا له من دور عظيم فإنه وبحق يمثّل دور الأنبياء و يجسد رسالات السماء ، أما إذا أخلَّت المرأة بواجباتها تجاه الأسرة وبالعناوين الأربعة التي تحملها وتتحرك من خلالها في المجتمع وهي الأم والزوجة والأخت والبنت فعند ذالك لا ينفع كل ما تقدمه للمجتمع من إنجازات و نشاطات أخرى ، لأنه عند ذلك سيتكون مجتمع خائر القوى ومنهار من الداخل ولا يرتكز على أسس سليمة والأمثلة على ذلك كثيرة وأوضح من الشمس في رابعة النهار .