موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة القانون

القانون وقواعد الشرع الإسلامي (وجوه الشبه والاختلاف):
د.سمير عالية



توجد بين قواعد القانون وقواعد الشرع الإسلامي وجوه شبه ووجوه اختلاف، يحسن التطرق إليها في هذه الفقرة.
أ ـ وجوه الشبه بين القاعدة القانونية والقاعدة الشرعية:
تتمثل وجوه الشبه بين قواعد القانون الوضعي وقواعد الشرع الإسلامي في الأمور التالية:
1 ـ إنها جميعاً قواعد عامة مجردة منظمة. فكل قاعدة منهما توصف بأنها خطاب يوجه إلى الأشخاص كافة دون أن يكون المقصود شخصاً معيناً باسمه أو فعلاً محدداً بذاته، وإنما ينصرف حكمها إلى كل مَن توافرت فيه شروط انطباقها.
2 ـ إنها تتماثل من حيث الهدف الإسمي وهو تحقيق خير وسعادة الإنسان وإقامة مجتمع يسوده النظام وينعم بالاستقرار.
3 ـ إن كل قاعدة منهما تعني بتنظيم علاقة الإنسان مع غيره على أساس من العدل والمساواة وعلى ركيزة من الأخلاق الاجتماعية.
4 ـ إنها تتصف بالقوة الملزمة، فتقترن بجزاء يوقع على المخالف زجراً له وردعاً لغيره، وذلك لحمل الناس عن طريقه على إتباعها قسراً إن لم ينصاعوا لحكم القاعدة طوعاً.
5 ـ إنها تتميز بالوضوح والاستقرار، فيسهل التعرف على القاعدة بالرجوع إلى موطنها ويتيسر لجميع الأفراد الوقوف على حكمها. وأهم مواطن قواعد القانون التقنينات الجامعة والتشريعات الصادرة وكتب علماء القانون وأحكام المحاكم الوضعية. وأهم مواطن قواعد الشرع الإسلامي القرآن الكريم وكتب السنة النبوية والمؤلفات الفقهية وأحكام المحاكم الإسلامية.
6 ـ إن تقدير سلامة تصرف الإنسان فيهما ليس ذاتياً ينبع من الضمير الشخصي، كما هو الشأن في قواعد الأخلاق، وإنما يصدر التقدير عن سلطة هي السلطة العامة بالنسبة إلى القاعدة القانونية، وهي الذات الإلهية بالنسبة إلى القاعدة الشرعية.
ب ـ وجوه الاختلاف بين القاعدة القانونية والقاعدة الشرعية:
على الرغم من وجوه الشبه العديدة بين قواعد القانون وقواعد الشرع، تقوم بينهما اختلافات هامة تباعد بين دائرتيهما، وتتلخص بالآتي:
1 ـ اختلافهما من حيث الأصل: فالشرع الإسلامي سماوي في مصدره، إذ هو تنزيل من الله تعالى عن طريق الوحي، معنى ولفظاً على صورة آيات قرآنية، أو معنى فحسب على صورة سنة نبوية. والقواعد الشرعية تُستمد من هذين الأصلين مباشرة، أو بالواسطة منهما عن طريق الاجتهاد. أما القواعد القانونية فتكون في العادة من عمل الإنسان، فرداً أو هيئة أو مجتمعاً، وإن جاز أن يكون الدين مصدراً من مصادرها.
2 ـ اختلافهما من حيث الغرض أو الغاية المباشرة: فالقاعدة الشرعية ترتقي بالانسان نحو الكمال والسمو الخلقي عن طريق العبادات والأخلاق. أما غاية القاعدة القانونية فنفعية، تهدف إلى حفظ النظام في المجتمع وتحقيق الاستقرار.
3 ـ اختلافهما من حيث مقياس الحكم على التصرف: فمقياس الحكم على التصرفات الفردية في نظر الشرع الإسلامي مقياس مزدوج، باطني أو داخلي ينفذ إلى داخل النفس ويكشف عن مقاصدها، وظاهري أو خارجي يحاسب الانسان على ظاهر تصرفاته. أما مقياس الحكم على التصرف في القانون فظاهري فحسب، يقف عند المظاهر المادية.
4 ـ اختلافهما من حيث النطاق: فنطاق القانون ينحصر في دائرة تنظيم العلاقات الاجتماعية، وبوجهها الظاهري. أما قواعد الشرع فيتسع نطاقها لتشمل واجبات الانسان نحو ربه وإزاء نفسه وتجاه غيره، ظاهراً وباطناً. وهي تحقق العدالة فضلاً عن إقرارها للعدل، مع تأكيدها على القيم الأخلاقية في إرساء النظام الاجتماعي.
5 ـ اختلافهما من حيث الجزاء: فالجزاء القانوني يكون دائماً في صورة عقاب، بينما يكون الجزاء الشرعي ثواباً أو مكافأة عند الطاعة وعقوبة وضماناً عند المخالفة. وعلى حين يكون الجزاء القانوني مادياً دنيوياً تفرضه السلطة العامة، فإن الجزاء الشرعي مزدوج قد يكون دنيوياً توقعه السلطة الإسلامية على صورة عقاب، وقد يكون أخروياً يتمثل في غضب الله وعقابه. ومَن نزل به الجزاء الدنيوي سقط عنه الجزاء الأخروي، ومَن فرّ من الأول انتظره الثاني يوم الحساب.
------------------------------
* المصدر:علم القانون والفقه الاسلامي


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة القانون