مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 رياح الإسلام
البارود، علم الاجتماع، القارة الأمريكية..نصيب المسلمين من إكتشافه
صبيح صادق


من الثابت تاريخياً أن الصينيين هم الذين اخترعوه.. ولكنهم لم يسخروه للاستفادة منه في استعماله كقوة دافعة في الأسلحة النارية.. وهنا يكمن السؤال.. من قام بهذا العلم لأول مرة؟ أجابت أوربا بأن الأوربيين هم أول من قام بذلك، ولكن الوثائق التاريخية تثبت العكس، إذ أن العالم المسلم حسن الرماح هو الرائد الأول لذلك فأقدم إشارة لتركيب البارود في أوربا ترجع إلى كتاب مارك الإغريقي نحو سنة 1300م فقد نسب إليه هذا الفضل. أما بالنسبة لحسن الرماح فهو قد ظهر قبل مارك الإغريقي أي قبل سنة 1300 فوصف المواد التي يتكون منها البارود واستعمالها في أحد كتبه بالإضافة إلى أن وصف حسن الرماح واضح الشبه بما ذكره مارك مما يدل بما لا يدع مجالاً للشك تأثر مارك بالرماح.
ثم أن الوقائع التاريخية تؤكد على أن المسلمين هم أسبق في استعماله من الأوربيين. ففضلاً عما ذكره العلماء المسلمون من الوقائع التاريخية نذكر ما جاء في تاريخ الاذفونس الحادي عشر في قوله "أن مغاربة المدينة كانوا يقذفون كثيراً من الصواعق على الجيش فيرمون عليه عدة قنابل كبيرة من الحديد كالتفاح الكبير وذلك إلى مسافة بعيدة عن المدينة فيمر بعضها من فوق الجيش ويسقط بعضها عليه" وقد حضر كونت دربي وكونت سالسبري الإنكليزيان ذلك الحصار وما هي إلا أربع سنوات حتى استعمله الإنكليز في معركة كريسي بعد أن أخذوه عن العرب..
وقد ذكر أحد الفرسان الذين شاركوا بالحملة الصليبية التي قادها لويس التاسع ضد مصر (1249-1250) وهو جو انفيل Lord de joinville ذكر "وذات ليلة تقدم المماليك بآلة من الآلات فظيعة لأحداث الضرر والأذى. ووضعوها قبالة قاذفات الحجارة التي كان يحرسها في تلك الليلة السير والتر دي كوريل وانا. ولقد أطلقوا من هذه الآلة كميات هائلة من النار الإغريقية غير أنها كانت أفضع ما رأت عيني على الإطلاق. وقد شاهد زميلي الفاضل سير والتر هذا السيل المنهمر من النيران كالبراميل المشتعلة ومن خلفها ذيل طويل. وأما الصوت الذي كانت تحدثه عند انفلاقها فكأنه الرعد وكانت تشق الهواء كأنها تنانين من النار تطير في الهواء تضيء في ظلمة الليل ضوءاً قوياً حتى لقد كنا نرى الأشياء في خيامنا وكأننا في النهار تماماً. وقد أطلقوا النار من هذه الآلة ثلاث مرات فقط في تلك الليلة وكان ملكنا الطيب لويس في كل مرة يسمع فيها هذه الطلقات يركع على الأرض ويتجه إلى السماء باسطاً ذراعيه والدمع ينهمر مدراراً على خديه ويقول: أيها الرب عيسى المسيح أحمني وجميع الذين معي".
ولابد من الملاحظة أن هذه ليست النار الإغريقية ذلك أن النار الإغريقية لم تكن بمثل هذه الضخامة بحيث يضطرب لها الجيش بمثل هذا الاضطراب...
ونسب إلى (اوكست كونت) بأنه هو الذي أنشأ علم الاجتماع بينما أثبتت الدراسات العلمية بأن ابن خلدون هو المنشئ الأول، وذلك في كتابه المعروف بمقدمة ابن خلدون.
وهناك إشارة للادريسي في كتابه نزهة المشتاق، وذكر فيها رحلة للأبناء المغررين يحتمل أن تكون هذه الرحلة إلى أمريكا.. وإذا ثبتت صحة هذه الرحلة إلى أمريكا فعندما سيكون العرب أقدم من كريستوف كولمبس في اكتشاف أمريكا وأن كانت هناك إشارات تدل على أن أمريكا قد تم اكتشافها قبل كريستوف كولمبس على يد الفينيقيين أو غيرهم ... وإشارة الادريسي هذه في وصف رحلة الأبناء المغررين تدل على أن الطريق الذي سلكوه والمكان الذي وصلوا إليه لا يبعد أن يكون القارة الأمريكية ... يقول الادريسي "من مدينة لشبونة كان خروج المغررين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه كما تقدم ذكرهم ولهم بمدينة لشبونة بموضع من قرب الحمه درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين إلى آخر الأبد.
وذلك أنهم اجتمعوا، ثمانية رجال. كلهم أبناء عم فأنشاوا مركباً حمالاً وادخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهر ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية فجروا بها نحوا من أحد عشر يوماً فوصلوا إلى بحر غليظ الموج كدر الروائح كثير التروش قليل الضوء فأيقنوا بالتلف فجروا في البحر في ناحية الجنوب أثنى عشر يوماً فخرجوا إلى جزيرة الغنم وفيها من الغنم ما لا يأخذه عد ولا تحصيل وهي سارحة لا راعي لها ولا ناظر إليها.
فقصدوا الجزيرة فنزلوا لها فوجدوا عين ماء جارية وعليها شجرة تين بري فأخذوا من تلك الغنم فذبحوها فوجدوا لحومها مُرة لا يقدر أحد على أكلها فأخذوا من جلودها وساروا مع الجنوب أثنى عشر يوماً إلى أن لاحت لهم جزيرة فنظروا فيها إلى عمارة وحرث فقصدوا إليها ليروا ما فيها فما كان غير بعيد حتى أحيط بهم في زوارق هناك فأخذوا وحملوا في مركبهم إلى المدينة على ضفة البحر فأنزلوا بها في دار فرأوا بها رجالاً شقراً زعراً شعور رؤوسهم، وشعورهن سبطة وهم طوال القدود ولنسائهم جمال عجيب فاعتقلوا منها في بيت ثلاثة أيام ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي فسألهم من حالهم وفيما جاءوا وأين بلدهم فأخبروه بكل خبرهم فوعدهم خيراً وأعلمهم أنه ترجمان الملك.
فلما كان في اليوم الثاني من ذلك اليوم احضروا بين يدي الملك فسألهم عما سألهم الترجمان عنه فأخبروا بما أخبروا به الترجمان بالأمس من أنهم اقتحموا البحر ليروا ما به من الأخبار والعجائب ويقفوا على نهايته فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان خبر القوم أن أبي أمر قوماً من عبيده بركوب هذا البحر وأنهم جروا في عرضه شهراً إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير حاجة ولا حاجة ولا فائدة تجدي ثم أمر الملك الترجمان أن يعدهم خيراً وأن يحسن ظنهم بالملك ففعل.
ثم صرفوا إلى موضع حبسهم إلى أن بدأ جري الريح الغربية فعمر بهم زورق وعصبت أعينهم وجرى بهم في البحر برهة من الدهر. قال قوم قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيام بلياليها حتى جيء بنا إلى البر فأخرجنا وكتفنا إلى خلف وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار وطلعت الشمس ونحن ضنك وسوء حال من شدة الأكتاف حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناس فصحنا بأجمعنا فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحالة السيئة فحلونا من وثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا وكانوا برابر. فقال لنا أحدهم أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم فقلنا لا فقال أن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين فقال زعيم القوم: وا أسفي. فسمي المكان إلى اليوم أسفي وهو المرسى الذي في أقصى المغرب وقد ذكرناه قبل هذا(1).
(1) نزهة المشتاق: قسم إفريقيا ـ ص 112 ـ باعتناء هنري بيرس.
---------------------------
المصدر : (عن مجلة "آفاق عربية" ببعض التصرف)

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة