مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 رياح الاسلام
المسلمون وإستيعاب الأصالة العلمية
صبيح صادق


لعل أخطر ما يجب أن نعترف به، ونقره، هو: أن المسلمين اليوم، لا يعرفون شيئاً عن الحضارة الإسلامية.. ذلك أن الجيل الإسلامي والمسلمين بصورة عامة، لا يلمون إلا بشيء قليل مما توصل إليه العقل الإسلامي الخلاق خلال مسيرته التاريخية خصوصاً الإنجازات العلمية التي لا تزال تحتاج إلى الكثير من الدراسة والتنقيب ...
وكان من أهم النتائج الخطيرة لهذه المشكلة، عدم الإيمان بقدرة العقل الإسلامي على الإبداع وهي من أهم ما تواجهه الأمة الإسلامية من المشاكل في العصر الحاضر، خصوصاً وأن الدول الاستعمارية أخذت تزيد من ترويجها لنظرية تقسيم الأجناس إلى طبقات حسب درجات الذكاء.! وقسمت بكرم بالغ الأجناس فوضعت الأمة الإسلامية في قائمة الأمم المقلدة بل والمخربة!!
أن نظرية تقسيم الأجناس إلى طبقات وأن كانت مفندة علمياً، واستعمارية هدفاً، فإنها قد وجدت الكثير من المسلمين يؤمنون بها أو على الأقل يؤيدونها ... ولهذا فأن أهم رد على هذه النظريات الاستعمارية هو الإثبات بأن العقل الإسلامي عقل قادر على الإبداع قادر على الخلق والبناء..
حين يقرأ الجيل المسلم الحاضر الاكتشافات والاختراعات العلمية ـ أو أغلبها ـ تنسب إلى علماء أوربيين لا يسعه إلاّ أن يقر بأن العقل الإسلامي غير قادر على الإبداع وهو على عكس العقل الأوربي المبدع والمشكلة الحقيقية تكمن في أن الكثير من الاختراعات والاكتشافات للعلماء المسلمين قد نسبت خطـأ إلى العلماء الأوربيين وهذا يؤدي بالتالي إلى نسبة الإبداع للعقل الأوربي والإفلاس للعقل الإسلامي... ثم زاد الطين بلة المسلمون أنفسهم حينما أكدوا ذلك. فاقتبسوا عن أوربا زعمها دون مناقشة فنسبوا هم كذلك أعمال العلماء المسلمين إلى علماء أوربا..
أننا في ذلك لا ندعي سلب حق الاختراع أو الاكتشاف من العلماء الأوربيين لننسبه أو نقحمه في عداد الاختراعات الإسلامية، وإنما نريد أن نؤكد حقيقة تاريخية وحقاً مشروعاً للأمة الإسلامية وتراثها.
أن إرجاع نسب هذه الاختراعات إلى المسلمين ليس فقط إرجاعاً للحق واعترافاً بفضل المسلمين وإنما هو تأكيد كذلك على أن للأمة الإسلامية حضارة مبدعة وعقلاً خلاقاً. وأنها لا تختلف عن شعوب الأمم الأخرى في إبداعها وبنائها، وأنها لقادرة في العصر الحديث على البعث والنهوض، لأنها سبق وأن حققت ذلك أبان ازدهار الحضارة العربية... وبذلك تندحر كل النظريات الزائفة التي عدت المسلمين من الشعوب غير القادرة على الإبداع، وإبداع العقل المسلم في مختلف المجالات ليس إلا دليلاً قاطعاً على خطأ النظريات التي جعلت من المسلمين أمة متخلفة في الذكاء....
------------------------------
المصدر : مجلة "آفاق عربية" ببعض التصرف
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة