الاستراتيجية الأمريكية في العراق
الحلقة الثالثة
كتابات - صلاح التكمه جي


معالجة الخلل الاستراتيجي ومحاصرة قوة الرعب العراقية
كل المؤشرات أوضحت أن العقل الاستراتيجي الأمريكي هو في مرحلة صراع جديدة مع القيادة العراقية السابقة ، على أثر خلل الذي حدث في التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ، نتيجة نمو القوة العسكرية الهائلة للعراق ، و كانت أهم الخطوات التي أتبعت من قبل العقل الاستراتيجي الأمريكي هو كالتالي :
1. الهجوم الإعلامي و الحرب النفسية من قبل الصحافة الأمريكية و الغربية على النظام العراقي السابق و بالذات في قيادته المتمثل آنذاك في (صدام) ، و ركزت على ديكتاتورية النظام و خطورة امتلاك قوة عسكرية ضخمة تحت تصرف نظام شمولي ، إضافة تم التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان في العراق حتى بلغت المواضيع التي نشرت على القيادة العراقية السابقة آنذاك خلال ثلاثة شهور من أواخر 1990 ما يقارب 189 مقال ، ولهذا تيقنت القيادة العراقية السابقة أنها في معركة جديدة عليها أن تستعد لها ، و بالفعل حذر صدام أعضاء الكونكرس الأمريكي من الهجوم الإعلامي الذي يشن ضده ، إضافة انه وجه الدعوة إلى عقد مؤتمر للقمة العربية يناقش فيه الهجمة الإعلامية و السياسية ضد النظام السابق ، حيث كان هذا المؤتمر القشة التي قصمت ظهر البعير ، وذلك بظهور بوادر نار تحت الرماد سوف تستعر بين صدام و دول الجوار العربية، و أتضح من خلال هذا المؤتمر مدى الرعب الذي كان ينتاب الدول العربية من قوة الرعب العراقية.
2-الحصار الاقتصادي من قبل الإدارة الأمريكية و التحالف الغربي ، و مصادرة بعض الواردات العسكرية التي تساهم في نمو قوة الرعب للنظام و التي يمكن ان يستفيد منه في تطوير قوته العسكرية ، حيث تم مصادرة شحنة بضائع من قبل المانيا ، و تم مصادرة شحنة المدفع العملاق من قبل الإدارة البريطانية، إضافة إلى هذا استخدمت الإدارة الأمريكية في منع الصادرات إلى العراق تمثلت بالضغط على الشركات التي تتعامل معه لوقف ذلك التعامل، وبنشر قوات بحرية أمريكية في المياه الخليجية.
3- تقنين قرارات دولية لحصار القيادة العراقية ، وفي هذا المجال تذكر جريدة القدس العربي بتاريخ26/4/1990 .( اتبعت الدول الأوروبية سياسات تنسجم وهذا التوجه الأمريكي وفي المجال ذاته دعا البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بتاريخ 5/ 4/1990 دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية إلى حظر فوري لتصدير أي معدات ضرورية لإنتاج أسلحة الدمار الشامل الى العراق.كما دعا برلمان المجموعة الأوروبية أيضا الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة خافيير بيريز ديكويار إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي ؛في أقرب مدة للرد على الأخطار التي يشكلها النظام العراقي على أمن العالم ) . وفي 7/11/1980 عقد مؤتمر في باريس للتخلص من الأسلحة الكيماوية و الجرثومية و التخلص نهائيا منها ، و بالتالي تمت محاصرة العراق قانونيا و اقتصاديا و سياسيا و إعلاميا ، وأدت هذه السياسة إلى أثارت حفيظة الرئيس السابق (صدام) مما استدعى منه في التفكير باستخدام وسائل جديدة لفك الحصار ضد قوة الرعب التي بناها :
1- التفكير في خطوات عملية لتقوية قوة الردع الاستراتيجي التي يمتلكها و استخدامها كورقة ضغط على صاحب القرار الأمريكي و الغربي ، و كان أهم خطوة قام بها صدام إعلان غزوه للكويت في فجر الخميس الثاني من أغسطس سنة 1990 ومن ثم محاولة السيطرة على ثرواتها النفطية.
2- تغيير خطابه السياسي و الإعلامي و جعله متناسقا للرأي العام الشعبي العربي و ذلك باستخدامه للخطاب الديني بشكل واضح مع تحالفه مع الأحزاب الإسلامية في المنطقة ودعمها له في المؤتمرات التي عقده في بغداد .
3- استخدامه للورقة النفط و توزيع الموارد بشكل عادل في المجتمع العربي وأيضا, إضافة إلى أنه اعتبر أن التلاعب بأسعار النفط هي مؤامرة عليه من قبل دول المنطقة و الإدارة الأمريكية لمحاصرته وعدم تطوير قدراته .
كل تلك الإجراءات التي قامت بها القيادة العراقية السابقة ، جعلت منها العدو رقم واحد للعقل الاستراتيجي الأمريكي ، ولهذا دخلت العراقية الأمريكية مرحلة جديدة من المواجهة في الصراع المكشوف والحرب الشاملة .
مركز دراسات جنوب العراق
 

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة